وقال ابن عطية :
ثم حكم عليهم أنهم إذا رأوا محمداً ﷺ استهزؤوا به واستحقروه وأبعدوا أن يبعثه الله رسولاً، فقالوا على جهة الاستهزاء ﴿ أهذا الذي بعث الله رسولاً ﴾ وفي ﴿ بعث ﴾ ضمير يعود على الذي حذف اختصاراً وحسن ذلك في الصلة، ثم أنس النبي ﷺ عن كفرهم بقوله ﴿ أرأيت من اتخذ إلهه هواه ﴾ الآية، والمعنى لا تتأسف عليهم ودعهم لرأيهم ولا تحسب أنهم على ما يجب من التحصيل والعقل بل هم كالأنعام في الجهل بالمنافع وقلة التحسس للعواقب، ثم حكم بأنهم ﴿ أضل سبيلاً ﴾ من حيث لهم الفهم وتركوه، و﴿ الأنعام ﴾ لا سبيل لهم إلى فهم المصالح، ومن حيث جهالة هؤلاء وضلالتهم في أمر أخطر من الأمر الذي فيه جهالة الأنعام، وقوله ﴿ اتخذ إلهه هواه ﴾ معناه جعل هواه مطاعاً فصار كالإله والهوى قائد إلى كل فساد لأن النفس أمارة بالسوء وإنما الصلاح إذ ائتمرت للعقل، وقال ابن عباس الهوى الإله يعبد من دون الله ذكره الثعلبي، وقيل الإشارة بقوله ﴿ إلهه هواه ﴾ إلى ما كانوا عليه من أنهم كانوا يعبدون حجراً فإذا وجدوا أحسن منه طرحوا الأول وعبدوا الثاني الذي وقع هواهم عليه، قال أبو حاتم وروي عن رجل من أهل المدينه قال ابن جني هو الأعرج ﴿ إلهه هواه ﴾ والمعنى اتخذ شمساً يستضيء بها هواه إذا الشمس يقال لها إلهة وتصرف ولا تصرف، و" الوكيل " القائم على الأمر الناهض به. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٤ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon