﴿ لَوْلاَ أَن صَبْرَنَا عَلَيْهَا ﴾ ثبتنا عليها واستمكنا بعبادتها، و﴿ لَوْلاَ ﴾ في أمثال هذا الكلام يجري مجرى التقييد للحكم المطلق من حيث المعنى دون اللفظ، وهذا اعتراف منهم بأنه ﷺ قد بلغ من الاجتهاد في الدعوة إلى التوحيد وإظهار المعجزات وإقامة الحجج والبيانات ما شارفوا به أن يتركوا دينهم لولا فرط لجاجهم وغاية عنادهم، ولا ينافي هذا استحقارهم واستهزائهم السابق لأن هذا من وجه وذاك من وجه آخر زعموه سبباً لذلك قاتلهم الله تعالى.
وقيل : إن كلامهم قد تناقض لاضرابهم وتحيرهم فإن الاستفهام السابق دال على الاستحقار وهذا دال على قوة حجته وكمال عقله ﷺ ففيما حكاه سبحانه عنهم تحميق لهم وتجهيل لاستهزائهم بما استعظموه.
وقيل عليه : إنه ليس بصريح في اعترافهم بما ذكر بل الظاهر أنه أخرج في معرض التسليم تهكماً كما في قولهم ﴿ بعث الله رسولاً ﴾ [ الفرقان : ٤١ ] وفيه منع ظاهر والتناقض مندفع كما لا يخفى.
﴿ وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ العذاب ﴾ الذي يستوجبه كفرهم وعنادهم ﴿ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلاً ﴾ أي يعلمون جواب هذا على أن ﴿ مِنْ ﴾ استفهامية تبتدأ و﴿ أَضَلَّ ﴾ خبرها والجملة في موضع مفعولي ﴿ يَعْلَمُونَ ﴾ إن كانت تعدت إلى مفعولين أو في موضع مفعول واحد إن كانت متعدية إلى واحد أو يعلمون الذي هو أضل على أن من موصولة مفعول ﴿ يَعْلَمُونَ ﴾ وأضل خبر مبتدأ محذوف والجملة صلة الموصول.