وتكون جملة :﴿ أهذا الذى بَعَثَ الله رَسُولاً ﴾ في محل نصب على الحال بتقدير القول : أي : قائلين أهذا؟ إلخ، وفي اسم الإشارة دلالة على استحقارهم له، وتهكمهم به، والعائد محذوف أي : بعثه الله، وانتصاب ﴿ رسولاً ﴾ على الحال أي : مرسلاً، واسم الإشارة مبتدأ، وخبره الموصول، وصلته ﴿ إِن كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ ءَالِهَتِنَا ﴾ أي : قالوا : إن كاد هذا الرسول ليضلّنا : ليصرفنا عن آلهتنا، فنترك عبادتها، وإن هنا هي المخففة، وضمير الشأن محذوف أي : إنه كاد أن يصرفنا عنها ﴿ لَوْلاَ أَن صَبْرَنَا عَلَيْهَا ﴾ أي : حبسنا أنفسنا على عبادتها، ثم إنه سبحانه أجاب عليهم، فقال ﴿ وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ العذاب مَنْ أَضَلُّ سَبِيلاً ﴾ أي : حين يرون عذاب يوم القيامة الذي يستحقونه ويستوجبونه بسبب كفرهم من هو أضلّ سبيلا أي : أبعد طريقاً عن الحق والهدى، أهم أم المؤمنون؟
ثم بين لهم سبحانه أنه لا تمسك لهم فيما ذهبوا إليه سوى التقليد واتباع الهوى، فقال معجباً لرسول الله ﷺ ﴿ أَرَءَيْتَ مَنِ اتخذ إلهه هَوَاهُ ﴾ قدّم المفعول الثاني للعناية كما تقول : علمت منطلقاً زيداً أي : أطاع هواه طاعة كطاعة الإله أي : انظر إليه يا محمد، وتعجب منه.
قال الحسن : معنى الآية : لا يهوى شيئاً إلاّ اتبعه ﴿ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً ﴾ الاستفهام للإنكار والاستبعاد أي : أفأنت تكون عليه حفيظاً وكفيلاً حتى تردّه إلى الإيمان، وتخرجه من الكفر، ولست تقدر على ذلك ولا تطيقه، فليست الهداية والضلالة موكولتين إلى مشيئتك، وإنما عليك البلاغ.
وقد قيل : إن هذه الآية منسوخة بآية القتال.


الصفحة التالية
Icon