قال النحاس : وكان ذلك من علامات النبوّة ؛ لأنهم لا يسألون عن شيء إلا أجيبوا عنه، وهذا لا يكون إلا من نبيّ، فكان ذلك تثبيتاً لفؤاده وأفئدتهم، ويدلّ على هذا ﴿ وَلاَ يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلاَّ جِئْنَاكَ بالحق وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً ﴾ ولو نزل جملة بما فيه من الفرائض لثقل عليهم، وعِلم الله عز وجل أن الصلاح في إنزاله متفرقاً، لأنهم ينبهون به مرة بعد مرة، ولو نزل جملة واحدة لزال معنى التنبيه وفيه ناسخ ومنسوخ، فكانوا يتعبدون بالشيء إلى وقتٍ بعينه قد علم الله عز وجل فيه الصلاح، ثم ينزل النسخ بعد ذلك ؛ فمحال أن ينزل جملة واحِدة : افعلوا كذا ولا تفعلوا.
قال النحاس : والأولى أن يكون التمام ﴿ جُمْلَةً وَاحِدَةً ﴾ لإنه إذا وقف على ﴿ كَذَلِكَ ﴾ صار المعنى كالتوراة والإنجيل والزبور ولم يتقدّم لها ذكر.
قال الضحاك :﴿ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً ﴾ أي تفصيلاً.
والمعنى : أحسن من مثلهم تفصيلاً ؛ فحذف لعلم السامع.
وقيل : كان المشركون يستمدّون من أهل الكتاب وكان قد غلب على أهل الكتاب التحريف والتبديل، فكان ما يأتي به النبيّ ﷺ أحسن تفسيراً مما عندهم ؛ لأنهم كانوا يخلطون الحق بالباطل، والحق المحض أحسن من حق مختلط بباطل، ولهذا قال تعالى :﴿ وَلاَ تَلْبِسُواْ الحق بالباطل ﴾ [ البقرة : ٤٢ ].
وقيل :﴿ لاَ يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ ﴾ كقولهم في صفة عيسى إنه خلق من غير أب ﴿ إِلاَّ جئناك بالحق ﴾ أي بما فيه نقض حجتهم كآدم إذ خلق من غير أب وأم.
قوله تعالى :﴿ الذين يُحْشَرُونَ على وُجُوهِهِمْ إلى جَهَنَّمَ ﴾ تقدّم في ﴿ سبحان ﴾.
﴿ أولئك شَرٌّ مَّكَاناً ﴾ لأنهم في جهنم.
وقال مقاتل : قال الكفار لأصحاب محمد ﷺ هو شر الخلق ؛ فنزلت الآية.
﴿ وَأَضَلُّ سَبِيلاً ﴾ أي ديناً وطريقاً.


الصفحة التالية
Icon