ولما كان المقصود هنا من القصة التسلية والتخويف، ذكر حاشيتها أولها وآخرها، وهما إلزام الحجة والتدمير، فقال :﴿اذهبا إلى القوم﴾ أي الذين فيهم قوة وقدرة على ما يعانونه وهم القبط ﴿الذين كذبوا بآياتنا﴾ أي المرئية والمسموعة من الأنبياء الماضين قبل إتيانكما في علم الشهادة، والمرئية والمسموعة منكما بعد إتيانكما في علمنا.
فذهبا إليهم فكذبوهما فيما أرياهم وأخبراهم به من الآيات، لما طبعناهم عليه من الطبع المهيىء لذلك.
ولما كان السياق للإنذار بالفرقان، طوي أمرهم إلا في عذابهم فقال :﴿فدمرناهم﴾ أي لذلك ﴿تدميراً﴾ بإغراقهم أجمعين عل يد موسى عليه السلام في البحر، لم نبق منهم أحداً مع ما أصبناهم به قبل ذلك من المصائب، مع اجتهاد موسى عليه السلام في إحيائهم بالإيمان، الموجب لإبقائهم في الدارين، عكس ما فعلناه بموسى عليه السلام من إنجائه من الهلاك بإلقائه في البحر، وإبقائه بمن اجتهد في إعدامه، وجعلنا لكل منهما حظاً من بحره ﴿هذا ملح أجاج﴾ هو غطاء جهنم، ﴿وهذا عذب فرات﴾ [ الفرقان : ٥٣ ] عنصره من الجنة، فليحذر هؤلاء الذين تدعوهم من مثل ذلك إن فعلوا مثل فعل أولئك.


الصفحة التالية
Icon