ورده النحاس قال : لأن ﴿ أغرقنا ﴾ ليس مما يتعدّى إلى مفعولين فيعمل في المضمر وفي ﴿ قَوْمَ نُوحٍ ﴾.
﴿ لَّمَّا كَذَّبُواْ الرسل ﴾ ذكر الجنس والمراد نوح وحده ؛ لأنه لم يكن في ذلك الوقت رسول إليهم إلا نوح وحده ؛ فنوح إنما بعث بلا إله إلا الله، وبالإيمان بما ينزل الله، فلما كذبوه كان في ذلك تكذيب لكل من بعث بعده بهذه الكلمة.
وقيل : إن من كذب رسولاً فقد كذب جميع الرسل ؛ لأنهم لا يفرق بينهم في الإيمان، ولأنه ما من نبيّ إلا يصدق سائر أنبياء الله، فمن كذب منهم نبياً فقد كذب كل من صدّقه من النبيين.
﴿ أَغْرَقْنَاهُمْ ﴾ أي بالطوفان، على ما تقدّم في ﴿ هود ﴾.
﴿ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً ﴾ أي علامة ظاهرة على قدرتنا ﴿ وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ ﴾ أي المشركين من قوم نوح ﴿ عَذَاباً أَلِيماً ﴾ أي في الآخرة.
وقيل : أي هذه سبيلي في كل ظالم.
قوله تعالى :﴿ وَعَاداً وَثَمُودَاْ وَأَصْحَابَ الرس وَقُرُوناً بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيراً ﴾ كله معطوف على ﴿ قَوْمَ نُوحٍ ﴾ إذا كان ﴿ قوم نوح ﴾ منصوباً على العطف، أو بمعنى اذكر.
ويجوز أن يكون كله منصوباً على أنه معطوف على المضمر في ﴿ دَمَّرْنَاهُمْ ﴾ أو على المضمر في ﴿ جَعَلْنَاهُمْ ﴾ وهو اختيار النحاس ؛ لأنه أقرب إليه.
ويجوز أن يكون منصوباً بإضمار فعل ؛ أي اذكر عاداً الذين كذبوا هوداً فأهلكهم الله بالريح العقيم، وثموداً كذبوا صالحاً فأهلكوا بالرّجفة.
﴿ وَأَصْحَابَ الرس ﴾ والرسّ في كلام العرب البئر التي تكون غير مطويةٍ، والجمع رسِاس.
قال :
تَنابِلة يَحْفرِون الرِّسَاسَا...
يعني آبار المعادن.
قال ابن عباس : سألت كعباً عن أصحاب الرّس قال : صاحب ﴿ ياس ﴾ الذي قال :﴿ ياقوم اتبعوا المرسلين ﴾ [ ياس : ٢٠ ] قتله قومه ورَسُّوه في بئر لهم يقال لها الرّس طرحوه فيها، وكذا قال مقاتل.


الصفحة التالية
Icon