وذكر هذا الخبر المهدوي والثعلبي، واللفظ للثعلبي، وقال : هؤلاء آمنوا بنبيهم فلا يجوز أن يكونوا أصحاب الرس ؛ لأن الله تعالى أخبر عن أصحاب الرس أنه دمرهم، إلا أن يدمروا بأحداث أحدثوها بعد نبيهم.
وقال الكلبِيّ : أصحاب الرس قوم أرسل الله إليهم نبيّاً فأكلوه.
وهم أول من عمل نساؤهم السَّحْق ؛ ذكره الماوردي.
وقيل : هم أصحاب الأخدود الذين حفروا الأخاديد وحرّقوا فيها المؤمنين، وسيأتي.
وقيل : هم بقايا من قوم ثمود، وأن الرّس البئر المذكورة في "الحج" في قوله :﴿ وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ ﴾ [ الحج : ٤٥ ] على ما تقدم.
وفي "الصحاح" : والرس اسم بئر كانت لبقية من ثمود.
وقال جعفر بن محمد عن أبيه : أصحاب الرس قوم كانوا يستحسنون لنسائهم السَّحْق، وكان نساؤهم كلهم سحاقات.
وروي من حديث أنس أن رسول الله ﷺ قال :" إن من أشراط الساعة أن يكتفي الرجال بالرجال والنساء بالنساء وذلك السَّحْق " وقيل : الرس ماء ونخيل لبني أسد.
وقيل : الثلج المتراكم في الجبال ؛ ذكره القُشَيري.
وما ذكرناه أولاً هو المعروف، وهو كل حفر احتفِر كالقبر والمعدن والبئر.
قال أبو عبيدة : الرس كل ركيّة لم تطو ؛ وجمعها رِساس.
قال الشاعر :
وهم سائرون إلى أرضهم...
فيا ليتهم يَحفرون الرِّساسا
والرّسّ اسم واد في قول زهير :
بَكَرْن بُكُوراً واسْتَحَرْن بسُحْرةٍ...
فهنّ لوادي الرَّسِّ كاليدِ للفمِ
ورسست رسًّا : حفرت بئراً.
ورُسَّ الميتُ أي قُبر.
والرّس : الإصلاح بين الناس، والإفساد أيضاً وقد رسست بينهم ؛ فهو من الأضداد.
وقد قيل في أصحاب الرس غير ما ذكرنا، ذكره الثعلبي وغيره.
﴿ وَقُرُوناً بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيراً ﴾ أي أمماً لا يعلمهم إلا الله بين قوم نوح وعاد وثمود وأصحاب الرس.


الصفحة التالية
Icon