وقيل : الرس نهر من بلاد المشرق بعث الله إليهم نبياً من أولاد يهوذا ابن يعقوب فكذبوه فلبث فيهم زماناً فشكا إلى الله منهم فحفروا له بئراً وأرسلوه فيها، وقالوا : نرجو أن يرضى عنا إلهنا فكانوا عامة يومهم يسمعون أنين نبيهم، فدعا بتعجيل قبض روحه فمات وأضلتهم سحابة سوداء أذابتهم كما يذوب الرصاص.
وروى عكرمة ومحمد بن كعب القرظي عن النبيّ ( ﷺ ) " أن أهل الرس أخذوا نبيهم فرسّوه في بئر وأطبقوا عليه صخرة فكان عبد أسود آمن به يجيء بطعام إلى تلك البئر فيعينه الله على تلك الصخرة فيقلها فيعطيه ما يغذيه به.
ثم يرد الصخرة، إلى أن ضرب الله يوماً على أذن ذلك الأسود بالنوم أربع عشرة سنة وأخرج أهل القرية نبيهم فآمنوا به " في حديث طويل.
قال الطبري : فيمكن أنهم كفروا بعد ذلك فذكرهم الله في هذه الآية وكثر الاختلاف في أصحاب الرس، فلو صح ما نقله عكرمة ومحمد بن كعب كان هو القول الذي لا يمكن خلافه وملخص هذه الأقوال أنهم قوم أهلكهم الله بتكذيب من أرسل إليهم.
﴿ وقروناً بين ذلك ﴾ هذا إبهام لا يعلم حقيقة ذلك إلاّ الله ﴿ ذلك ﴾ إشارة إلى أولئك المتقدمي الذكر فلذلك حسن دخول ﴿ بين ﴾ عليه من غير أن يعطف عليه شيء كأنه قيل بين المذكورين وقد يذكر الذاكر أشياء مختلفة.
ثم يشير إليها.
وانتصب ﴿ كلاً ﴾ الأول على الاشتغال أي وأنذرنا كلاً أو حذرنا كلاً والثاني على أنه مفعول بتبرنا لأنه لم يأخذ مفعولاً وهذا من واضح الإعراب.


الصفحة التالية
Icon