فصل


قال الفخر :
النوع الثاني : قوله تعالى :﴿وَهُوَ الَّذِى جَعَلَ لَكُمُ الليل لِبَاساً والنوم سُبَاتاً وَجَعَلَ النهار نُشُوراً﴾ اعلم أنه تعالى شبه الليل من حيث إنه يستر الكل ويغطي باللباس الساتر للبدن، ونبه على ما لنا فيه من النفع بقوله :﴿والنوم سُبَاتاً﴾ والسبات هو الراحة وجعل النوم سباتاً لأنه سبب للراحة قال أبو مسلم : السبات الراحة ومنه يوم السبت لما جرت به العادة من الاستراحة فيه، ويقال للعليل إذا استراح من تعب العلة مسبوت، وقال صاحب "الكشاف" السبات الموت والمسبوت الميت لأنه مقطوع الحياة قال : وهذا كقوله :
﴿وَهُوَ الذى يتوفاكم باليل﴾ [ الأنعام : ٦٠ ] وإنما قلنا إن تفسيره بالموت أولى من تفسيره بالراحة، لأن النشور في مقابلته يأباه، قال أبو مسلم :﴿وجعل النهار نشوراً﴾ هو بمعنى الانتشار والحركة كما سمى تعالى نوم الإنسان وفاة، فقال :﴿الله يَتَوَفَّى الانفس حِينَ مِوْتِهَا﴾ [ الزمر : ٤٢ ] والتي لم تمت في منامها كذلك وفق بين القيام من النوم والقيام من الموت في التسمية بالنشور، وهذه الآية مع دلالتها على قدرة الخالق فيها إظهار لنعمه على خلقه، لأن الاحتجاب بستر الليل كم فيه لكثير من الناس من فوائد دينية ودنيوية، والنوم واليقظة شبههما بالموت والحياة، وعن لقمان أنه قال لابنه : كما تنام فتوقظ، كذلك تموت فتنشر.
النوع الثالث : قوله :﴿وَهُوَ الذى أَرْسَلَ الرياح بُشْرًاَ بَيْنَ يَدَيْهِ رَحْمَتِهِ﴾ وقد تقدم تفسيره في سورة الأعراف، ثم فيه مسائل :
المسألة الأولى :


الصفحة التالية
Icon