النظر الثاني : في أن غير الماء هل هو طهور أم لا ؟ فقال الأصم والأوزاعي يجوز الوضوء بجميع المائعات، وقال أبو حنيفة يجوز الوضوء بنبيذ التمر في السفر، وقال أيضاً تجوز إزالة النجاسة بجميع المائعات التي تزيل أعيان النجاسات، وقال الشافعي رضي الله عنه الطهورية مختصة بالماء على الإطلاق ودليله في صورة الحدث قوله تعالى :﴿فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ﴾ [ النساء : ٤٣ ] أوجب التيمم عند عدم الماء، ولو جاز الوضوء بالخل أو نبيذ التمر لما وجب التيمم عند عدم الماء، وأما في صورة الخبث، فلأن الخل لو أفاد طهارة الخبث لكان طهوراً لأنه لا معنى للطهور إلا المطهر ولو كان طهوراً لوجب أن يجوز به طهارة الحدث لقوله عليه السلام :" لا يقبل الله صلاة أحدكم حتى يضع الطهور مواضعه " وكلمة ( حتى ) لانتهاء الغاية فوجب انتهاء عدم القبول عند استعمال الطهور وانتهاء عدم القبول يكون بحصول القبول، فلو كان الخل طهوراً لحصل باستعماله قبول الصلاة، وحيث لم يحصل علمنا أن الطهورية في الخبث أيضاً مختصة بالماء.
﴿ وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا (٥٠) ﴾
المسألة الأولى :


الصفحة التالية
Icon