هَلاَّ سألتِ الخيل يابنة مالك...
إن كنت جاهلة بما لم تعلمي
وقال ( عَلْقَمة بن عَبدة ) :
فإن تسألوني بالنساء فإنني...
خبيرٌ بأدواء النساءِ طبيبُ
أي عن النساء وعما لم تعلمي.
وأنكره عليّ بن سليمان وقال : أهل النظر ينكرون أن تكون الباء بمعنى عن ؛ لأن في هذا إفساداً لمعاني قول العرب : لو لقيت فلاناً للقيك به الأسد ؛ أي للقيك بلقائك إياه الأسد.
المعنى فاسأل بسؤالك إياه خبيراً.
وكذلك قال ابن جبير : الخبير هو الله تعالى.
ف ﴿ خَبِيراً ﴾ نصب على المفعول به بالسؤال.
قلت : قول الزجاج يخرّج على وجه حسن، وهو أن يكون الخبير غير الله ؛ أي فاسأل عنه خبيراً، أي عالماً به، أي بصفاته وأسمائه.
وقيل : المعنى فاسأل له خبيراً، فهو نصب على الحال من الهاء المضمرة.
قال المهدوِيّ : ولا يحسن حالاً إذ لا يخلو أن تكون الحال من السائل أو المسؤول، ولا يصح كونها حالاً من الفاعل ؛ لأن الخبير لا يحتاج أن يسأل غيره.
ولا يكون من المفعول ؛ لأنّ المسؤول عنه وهو الرحمن خبير أبداً، والحال في أغلب الأمر يتغير وينتقل ؛ إلا أن يحمل على أنها حال مؤكدة ؛ مثل :﴿ وَهُوَ الحق مُصَدِّقاً ﴾ [ البقرة : ٩١ ] فيجوز.
وأما ﴿ الرَّحْمَنُ ﴾ ففي رفعه ثلاثة أوجه : يكون بدلاً من المضمر الذي في ﴿ اسْتَوَى ﴾.
ويجوز أن يكون مرفوعاً بمعنى هو الرحمن.
ويجوز أن يكون مرفوعاً بالابتداء وخبره ﴿ فَاسْئَلْ بِهِ خَبِيراً ﴾.
ويجوز الخفض بمعنى وتوكل على الحيّ الذي لا يموت الرحمنِ ؛ يكون نعتاً.
ويجوز النصب على المدح.
قوله تعالى :﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسجدوا للرحمن ﴾ أي لله تعالى.
﴿ قَالُواْ وَمَا الرحمن ﴾ على جهة الإنكار والتعجب، أي ما نعرف الرحمن إلا رحمن اليمامة، يعنون مسيلمة الكذاب.
وزعم القاضي أبو بكر ابن العربيّ أنهم إنما جهلوا الصفة لا الموصوف، واستدلّ على ذلك بقوله :﴿ وَما الرَّحْمنُ ﴾ ولم يقولوا ومن الرحمن.