والمعنى ﴿ فاسأل الله ﴾ عن كل أمر وكونه منصوباً على الحال المؤكدة على هذا التقدير لا يصح إنما يصح أن يكون مفعولاً به، ويجوز أن تكون الباء بمعنى عن، أي ﴿ فاسأل ﴾ عنه ﴿ خبيراً ﴾ كما قال الشاعر :
فإن تسألوني بالنساء فإنني...
بصير بأدواء النساء طبيب
وهو قول الأخفش والزجاج.
ويكون ﴿ خبيراً ﴾ ليس من صفات الله هنا، كأنه قيل : اسأل عن الرحمن الخبراء جبريل والعلماء وأهل الكتب المنزلة، وإن جعلت ﴿ به ﴾ متعلقاً بخبيراً كان المعنى ﴿ فاسأل ﴾ عن الله الخبراء به.
وقال الكلبي معناه ﴿ فاسأل ﴾ خبيراً به و﴿ به ﴾ يعود إلى ما ذكر من خلق السموات والأرض والاستواء على العرش، وذلك الخبير هو الله تعالى لأنه لا دليل في العقل على كيفية خلق ذلك فلا يعلمها إلاّ الله.
وعن ابن عباس : الخبير جبريل وقدم لرؤوس الآي.
وقال الزمخشري : الباء في ﴿ به ﴾ صلة سل كقوله ﴿ سأل سائل بعذاب ﴾ كما يكون عن صلته في نحو ﴿ ثم لتسألن يومئذ عن النعيم ﴾ أو صلة ﴿ خبيراً ﴾ به فتجعل ﴿ خبيراً ﴾ مفعولاً أي، فسل عنه رجلاً عارفاً يخبرك برحمته، أو فسل رجلاً خبيراً به وبرحمته، أو فسل بسؤاله خبيراً.
كقولك، رأيت به أسداً أي رأيت برؤيته، والمعنى إن سألته وجدته خبيراً بجعله حالاً عن به تريد فسل عنه عالماً بكل شيء.
وقيل :﴿ الرحمن ﴾ اسم من أسماء الله مذكور في الكتب المتقدمة ولم يكونوا يعرفونه.
فقيل : فسل بهذا الاسم من يخبرك من أهل الكتاب حتى يعرف من ينكره ومن ثم كانوا يقولون : ما نعرف الرحمن إلاّ الذي في اليمامة يعنون مسيلمة، وكان يقال له رحمن اليمامة انتهى.