وقال أبو السعود :
﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشّرًا ﴾
للمؤمنين ﴿ وَنَذِيرًا ﴾ للكافرين ﴿ قُلْ ﴾ لهم ﴿ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ ﴾ أي على تبليغِ الرَّسالةِ الذي ينبىءُ عنه الإرسالُ ﴿ مِنْ أَجْرٍ ﴾ من جهتكم ﴿ إِلاَّ مَن شَاء أَن يَتَّخِذَ إلى رَبّهِ سَبِيلاً ﴾ أي إلاَّ فعلَ من يُريد أنْ يتقرَّبَ إليه تعالى ويطلبَ الزُّلْفى عندَه بالإيمانِ والطَّاعةِ حسبَما أدعُوهم إليهما فصوَّرَ ذلك بصورةِ الأجرِ من حيثُ إنَّه مقصودُ الإتيانِ به واستثنى منه قلعاً كلَّياً لشائبةِ الطَّمعِ وإظهاراً لغاية الشَّفقةِ عليهم حيثُ جعلَ ذلك مع كونِ نفعِه عائداً إليه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ وقيل الاستثناءُ منقطعٌ أي لكن منَ شاء أنْ يتَّخذَ إلى ربَّه سبيلاً فليفعلْ.
﴿ وَتَوَكَّلْ عَلَى الحى الذى لاَ يَمُوتُ ﴾ في الاستكفاءِ عن شرورِهم والإغناءِ عن أجورِهم فإنَّه الحقيقُ بأنْ يُتوكَّل عليه دون الأحياء الذين من شأنِهم الموتُ فإنَّهم إذا ماتُوا ضاعَ مَن توكَّل عليهم. ﴿ وَسَبّحْ بِحَمْدِهِ ﴾ ونزَّهه عن صفاتِ النُّقصانِ مُثنياً عليه بنعوتِ الكمالِ طالباً لمزيدِ الإنعامِ بالشُّكرِ على سوابغِه ﴿ وكفى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ ﴾ ما ظهرَ منها وما بطنَ ﴿ خَبِيراً ﴾ أي مُطَّلِعاً عليها بحيثُ لا يخفى عليه شيءٌ منها فيجزيهم جزاءً وفيَّا.