فصل


قال الفخر :
﴿ وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ ﴾
اعلم أن هذا هو النوع الرابع من دلائل التوحيد وقوله :﴿مَرَجَ البحرين﴾ أي خلاهما وأرسلهما يقال : مرجت الدابة إذا خليتها ترعى، وأصل المرج الإرسال والخلط، ومنه قوله تعالى :﴿فَهُمْ فِى أَمْرٍ مَّرِيجٍ﴾ [ ق : ٥ ] سمى الماءين الكبيرين الواسعين بحرين.
قال ابن عباس : مرج البحرين، أي أرسلهما في مجاريهما كما ترسل الخيل في المرج وهما يلتقيان، وقوله :﴿هذا عَذَبٌ فُرَاتٌ﴾ والمقصود من الفرات البليغ في العذوبة حتى ( يصير ) إلى الحلاوة، والأجاج نقيضه، وأنه سبحانه بقدرته يفصل بينهما ويمنعهما التمازج، وجعل من عظيم اقتداره برزخاً حائلاً من قدرته، وههنا سؤالات :
السؤال الأول : ما معنى قوله :﴿وَحِجْراً مَّحْجُوراً﴾ ؟ الجواب : هي الكلمة التي يقولها المتعوذ وقد فسرناها، وهي ههنا واقعة على سبيل المجاز، كأن كل واحد من البحرين يتعوذ من صاحبه ويقول له حجراً محجوراً، كما قال :﴿لاَّ يَبْغِيَانِ﴾ [ الرحمن : ٢٠ ] أي لا يبغي أحدهما على صاحبه بالممازجة فانتفاء البغي ( ثمة ) كالتعوذ، وههنا جعل كل واحد منهما في صورة الباغي على صاحبه، فهو يتعوذ منه وهي من أحسن الاستعارات.


الصفحة التالية
Icon