﴿ الذين يُؤْمِنُونَ بالغيب ﴾ الآيةَ وقيل : الموصولُ مبتدأٌ والرَّحمنُ خبرُه وقيل : الرَّحمنُ بدلٌ من المستكنِّ في استوى ﴿ فَاسْأَلْ بِهِ ﴾ أي بتفاصيلِ ما ذُكر إجمالاً من الخَلْقِ والاستواءِ لا بنفسِهما فقط إذْ بعد بيانِهما لا يبقى إلى السُّؤالِ حاجةٌ ولا في تعديتهِ بالباءِ فائدةٌ فإنَّها مبنيَّةٌ على تضمينهِ معنى الاعتناءِ المستدعِي لكون المسؤولِ أمراً خطيراً مهتمًّا بشأنِه غيرَ حاصلٍ للسَّائلِ. وظاهرٌ أنَّ نفسَ الخلقِ والاستواءِ بعد الذِّكرِ ليس كذلكَ. وما قيل من أنَّ التَّقديرَ : إنْ شككتَ فيه فاسألْ به خَبيراً على أنَّ الخطابَ له عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ والمرادَ غيرُه بمعزلٍ من السَّدادِ، بل التَّقديرُ : إنْ شئتَ تحقيقَ ما ذُكر أو تفصيلَ ما ذُكر فاسألْ معنيًّا بهِ ﴿ خَبِيراً ﴾ عظيمَ الشَّأنِ محيطاً بظواهرِ الأمورِ وبواطِنها وهو الله سبحانَه يُطلعك على جليَّةِ الأمرِ. وقيل : فاسألْ به مَن وجدَهُ في الكتبِ المتقدِّمةِ ليصدُقكَ فيه فلا حاجةَ حينئذٍ إلى ما ذَكرنا. وقيل : الضَّميرُ للرَّحمنِ، والمعنى إنْ أنكرُوا إطلاقَه على الله تعالى فاسألْ عنه مَن يُخبرك من أهلِ الكتابِ ليعرفُوا مجىءَ ما يُرادفه في كتبِهم، وعلى هَذا يجوزُ أنْ يكونَ الرَّحمنُ مُبتدأً وما بعدَهُ خَبَراً. وقُرىء فَسَلْ.
﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسجدوا للرحمن قَالُواْ وَمَا الرحمن ﴾
قالُوه لما أنَّهم ما كانُوا يُطلقونَهُ على الله تعالى، أو لأنَّهم ظنُّوا أنَّ المرادَ به غيرُه تعالى ولذلك قالُوا ﴿ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا ﴾ أي للذي تأمرُنا بسجودِه أو لأمرِك إيَّانا من غيرِ أنْ نعرفَ أنَّ المسجودَ ماذا. وقيل : لأنَّه كانَ مُعرَّباً لم يسمعُوه. وقُرىء يأْمُرنا بياءِ الغَيبةِ على أنَّه قولُ بعضِهم لبعضٍ ﴿ وَزَادَهُمْ ﴾ أي الأمرُ بسجودِ الرَّحمنِ ﴿ نُفُورًا ﴾ عن الإيمانِ. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٦ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon