﴿ وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُهُمْ وَلَا يَضُرُّهُمْ وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا (٥٥) ﴾
واعلم أنه تعالى لما شرح دلائل التوحيد عاد إلى تهجين سيرتهم في عبادة الأوثان، وفي الآية مسائل :
المسألة الأولى :
قيل المراد بالكافر أبو جهل لأن الآية نزلت فيه، والأولى حمله على العموم، لأن خصوص السبب لا يقدح في عموم اللفظ، ولأنه أوفق بظاهر قوله :﴿وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله ﴾.
المسألة الثانية :
ذكروا في الظهير وجوهاً : أحدها : أن الظهير بمعنى المظاهر، كالعوين بمعنى المعاون، وفعيل بمعنى مفاعل غير ( غريب )، والمعنى أن الكافر يظاهر الشيطان على ربه بالعداوة.
فإن قيل كيف يصح في الكافر أن يكون معاوناً للشيطان على ربه بالعداوة ؟ قلنا إنه تعالى ذكر نفسه وأراد رسوله كقوله :﴿إِنَّ الذين يُؤْذُونَ الله﴾ [ الأحزاب : ٥٧ ] وثانيها : يجوز أن يريد بالظهير الجماعة، كقوله :﴿وَالْمَلَئِكَةُ بَعْدَ ذلك ظَهِيرٌ﴾ [ التحريم : ٤ ] كما جاء الصديق والخليط، وعلى هذا التفسير يكون المراد بالكافر الجنس، وأن بعضهم مظاهر لبعض على إطفاء نور ( دين ) الله تعالى، قال تعالى :﴿وإخوانهم يَمُدُّونَهُمْ فِى الغى﴾ [ الأعراف : ٢٠٢ ]، وثالثها : قال أبو مسلم الأصفهاني : الظهير من قولهم : ظهر فلان بحاجتي إذا نبذها وراء ظهره، وهو من قوله تعالى :﴿واتخذتموه وَرَاءكُمْ ظِهْرِيّاً﴾ [ هود : ٩٢ ] ويقال فيمن يستهين بالشيء : نبذه وراء ظهره، وقياس العربية أن يقال مظهور، أي مستخف به متروك وراء الظهر، فقيل فيه ظهير في معنى مظهور، ومعناه هين على الله أن يكفر الكافر وهو تعالى مستهين بكفره. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٢٤ صـ ٨٧ ـ ٨٩﴾