روي عن الحسن البصري أنه كان إذا قرأ ﴿ الذين يمشون على الأرض هَوْناً ﴾ [ الفرقان : ٦٣ ] قال : هذا وصف نهارهم، ثم إذا قرأ ﴿ والذين يبيتون لربهم سجداً وقياماً ﴾ قال : هذا وصف ليلهم.
والقِيام : جمع قَائم كالصِحاب، والسجود والقيام ركنا الصلاة، فالمعنى : يبيتون يصلّون، فوقع إطناب في التعبير عن الصلاة بركنيها تنويهاً بكليهما.
وتقديم ﴿ سجداً ﴾ على ﴿ قياماً ﴾ للرعي على الفاصلة مع الإشارة إلى الاهتمام بالسجود وهو ما بيّنه النبي ﷺ بقوله :" أقرب ما يكونُ العبد من ربه وهو ساجد " وكان أصحاب رسول الله ﷺ كثيري التهجد كما أثنى الله عليهم بذلك بقوله ﴿ تتجافى جنوبهم عن المضاجع ﴾ [ السجدة : ١٦ ].
وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا (٦٥) إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (٦٦)
دعاؤهم هذا أمارة على شدة مخافتهم الذنوب فهم يسعون في مرضاة ربّهم لينجوا من العذاب، فالمراد بصرف العذاب : إنجاؤهم منه بتيسير العمل الصالح وتوفيره واجتناب السيئات.
وجملة ﴿ إن عذابها كان غراماً ﴾ يجوز أن تكون حكاية من كلام القائلين.
ويجوز أن تكون من كلام الله تعالى معترضة بين اسمي الموصول، وعلى كل فهي تعليل لسؤال صرف عذابها عنهم.
والغرام : الهلاك المُلِحّ الدائِم، وغلب إطلاقه على الشر المستمر.
وجملة ﴿ إنها ساءت مستقراً ومقاماً ﴾ يجوز أن تكون حكاية لكلام القائلين فتكون تعليلاً ثانياً مؤكّداً لتعليلهم الأول، وأن تكون من جانب الله تعالى دون التي قبلها فتكون تأييداً لتعليل القائلين.
وأن تكون من كلام الله مع التي قبلها فتكون تكريراً للاعتراض.
والمستقَرّ : مكان الاستقرار.
والاستقرار : قوة القرار.