ثم ذكر ليلهم خير ليل قال ﴿ والذين يبيتون لربهم سجداً وقياماً ﴾ ينتصبون لله على أقدامهم، ويفترشون وجوههم سجداً لربهم، تجري دموعهم على خدودهم خوفاً من ربهم. قال الحسن : لأمر مّا سهر ليلهم، ولأمر ما خشع نهارهم ﴿ والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراماً ﴾ قال : كل شيء يصيب ابن آدم لم يدم عليه فليس بغرام، إنما الغرام اللازم له ما دامت السموات والأرض، قال : صدق القوم. والله الذي لا إله إلا هو فعلوا ولم يتمنوا. فاياكم وهذه الأماني يرحمكم الله! فإن الله لم يعط عبد بالمنية خيراً في الدنيا والآخرة قط. وكان يقول : يا لها من موعظة لو وافقت من القلوب حياة!
وأخرج عبد بن حميد عن أبي سعيد الخدري
" عن رسول الله ﷺ في قوله ﴿ إن عذابها كان غراماً ﴾ قال : الدائم ".
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله ﴿ إن عذابها كان غراماً ﴾ قال : ملازماً شديداً كلزوم الغريم الغريم قال : وهل تعرف العرب ذلك؟ قال : نعم. أما سمعت قول بشر بن أبي حازم؟
ويوم النسار ويوم الجفار... كانا عذاباً وكانا غراماً
وأخرج ابن الأنباري عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله ﴿ كان غراماً ﴾ ما الغرام؟ قال : المولع. قال فيه الشاعر :
وما أكلة إن نلتها بغنيمة... ولا جوعة إن جعتها بغرام
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله ﴿ إن عذابها كان غراماً ﴾ قال : قد علموا أن كل غريم يفارق غريمه إلا غريم جهنم.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ﴿ والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا ﴾ قال : هم المؤمنون. لا يسرفون فيقعوا في معصية الله، ولا يقترون فيمنعون حقوق الله.
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ ( ولم يقتروا ) بنصب الياء ورفع التاء.