قال ابن عباس رضي الله عنهما جعل كل واحد منهما يخلف صاحبه فيما يحتاج أن يعمل فيه فمن فرط في عمل في أحدهما قضاه في الآخر، قال أنس بن مالك قال رسول الله ﷺ لعمر بن الخطاب وقد فاتته قراءة القرآن بالليل :" يا ابن الخطاب لقد أنزل الله فيك آية وتلا :﴿وَهُوَ الذى جَعَلَ الليل والنهار خِلْفَةً لّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ﴾ ما فاتك من النوافل بالليل فاقضه في نهارك، وما فاتك من النهار فاقضه في ليلك " القول الثاني : وهو قول مجاهد وقتادة والكسائي يقال لكل شيئين اختلفا هما خلفان فقوله ﴿خِلْفَةً﴾ أي مختلفين وهذا أسود وهذا أبيض وهذا طويل وهذا قصير، والقول الأول أقرب.
أما قوله تعالى :﴿أَن يَذَّكَّرَ﴾ فقراءة العامة بالتشديد وقراءة حمزة بالتخفيف وعن أبي بن كعب ( يتذكر )، والمعنى لينظر الناظر في اختلافهما فيعلم أنه لا بد في انتقالهما من حال إلى حال ( وتغيرهما ) من ناقل ومغير وقوله :﴿أَن يَذَّكَّرَ﴾ راجع إلى كل ما تقدم من النعم، بين تعالى أن الذين قالوا وما الرحمن لو تفكروا في هذه النعم وتذكروها لاستدلوا بذلك على عظيم قدرته، ولشكر الشاكرين على النعمة فيهما من السكون بالليل والتصرف بالنهار كما قال تعالى :﴿وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ الليل والنهار لِتَسْكُنُواْ فِيهِ وَلِتَبتَغُواْ مِن فَضْلِهِ﴾ [ القصص : ٧٣ ] أو ليكونا وقتين للمتذكرين والشاكرين، من فاته في أحدهما ورد من العبادة قام به في الآخر، والشكور مصدر شكر يشكر شكوراً. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٢٤ صـ ٩٢ ـ ٩٣﴾