وقال ابن عطية :
﴿ وَعِبَادُ الرحمن ﴾
و" العباد " والعبيد بمعنى إلا أن العباد يستعمل في مواضع التنويه، وسمي قوم من عبد القيس العباد لأن كسرى ملكهم دون العرب، وقيل لأنهم تألهوا مع نصارى الحيرة فصاروا عبد الله وإليهم ينسب عدي بن زيد العبادي، وقرأ الحسن بن أبي الحسن " وعبد الرحمن "، ذكره الثعلبي، وقوله ﴿ الذين يمشون على الأرض ﴾ عبارة عن عيشهم ومدة حياتهم وتصرفاتهم نذكر من ذلك العظم لا سيما وفي الانتقال في الأرض هي معاشرة الناس وخلطتهم ثم قال، ﴿ هوناً ﴾، بمعنى أمره كله هون أي لين، قال مجاهد، بالحلم والوقار، وقال ابن عباس بالطاعة والعفاف والتواضع، وقال الحسن حلماً إن جهل عليهم لم يجهلوا، وذهبت فرقة إلى أن ﴿ هوناً ﴾ مرتبط بقوله ﴿ يمشون على الأرض ﴾ أي المشي هو هون، ويشبه أن يتأول هذا على أن تكون أخلاق ذلك الماشي ﴿ هوناً ﴾ مناسبة لمشيه فيرجع القول إلى نحو ما بيّناه وأما أن يكون المراد صفة المشي وحده فباطل لأنه رب ماش ﴿ هوناً ﴾ رويداً وهو ذئيب أطلس.
وقد كان رسول الله ﷺ يتكفا في مشيه كأنما يمشي في صبب وهو عليه السلام الصدر في هذه الآية. وقوله ﷺ " من مشى منكم في طمع فليمش رويداً " إنما أراد في عقد نفسه ولم يرد المشي وحده، ألا ترى أن المبطلين المتحيلين بالدين تمسكوا بصورة المشي فقط حتى قال فيهم الشاعر ذماً لهم [ أبي جعفر المنصور ] :[ مجزوء الرمل ]
كلهم يمشي رويدا... كلهم يطلب صيدا
وقال الزهري سرعة المشي تذهب ببهاء الوجه.
قال القاضي أبو محمد : يريد الإسراع الحثيث لأنه يخل بالوقار والخير في التوسط وقال زيد بن أسلم كنت أسأل عن تفسير قوله ﴿ الذين يمشون على الأرض هوناً ﴾ فما وجدت في ذلك شفاء، فرأيت في النوم من جاءني فقال هم الذين لا يريدون أن يفسدوا في الأرض.