فنبه المأمون على الآية من حضره وقال : هو والله يا عم عليّ بن أبي طالب، وقد جاوبك بأبلغ جواب، فخزي إبراهيم واستحيا.
وكانت رؤيا لا محالة صحيحة.
قوله تعالى :﴿ وَالَّذِينَ يِبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً ﴾
قال الزجاج : بات الرجل يبيت إذا أدركه الليل، نام أو لم ينم.
قال زهير :
فبتنا قياماً عند رأس جوادِنا...
يزاولنا عن نفسه ونزاوله
وأنشدوا في صفة الأولياء :
امنع جفونك أن تذوق مناماً...
واذرِ الدموع على الخدود سِجاما
واعلم بأنك ميت ومحاسَبٌ...
يا من على سخط الجليل أقاما
لله قوم أخلصوا في حبِّه...
فرضِي بهم واختصهم خدّاما
قوم إذا جنّ الظلام عليهم...
باتوا هنالك سُجَّدا وقِياما
خمص البطون من التعفف ضمّرا...
لا يعرفون سوى الحلال طعاما
وقال ابن عباس : من صلّى ركعتين أو أكثر بعد العشاء فقد بات لله ساجداً وقائماً.
وقال الكلبيّ : من أقام ركعتين بعد المغرب وأربعاً بعد العشاء فقد بات ساجداً وقائماً.
قوله تعالى :﴿ والذين يَقُولُونَ رَبَّنَا اصرف عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ ﴾
أي هم مع طاعتهم مشفقون خائفون وجِلون من عذاب الله.
ابن عباس : يقولون ذلك في سجودهم وقيامهم.
﴿ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً ﴾ أي لازماً دائماً غير مفارق.
ومنه سمي الغريم لملازمته.
ويقال : فلان مغرم بكذا أي لازم له مولع به.
وهذا معناه في كلام العرب فيما ذكر ابن الأعرابيّ وابن عرفة وغيرهما.
وقال الأعشى :
إن يعاقِب يكن غراماً وإن يع...
طِ جزيلاً فإنه لا يبالي
وقال الحسن : قد علموا أن كل غريم يفارق غريمه إلا غريم جهنم.
وقال الزجاج : الغرام أشد العذاب.
وقال ابن زيد : الغرام الشر.
وقال أبو عبيدة : الهلاك.
والمعنى واحد.
وقال محمد بن كعب : طالبهم الله تعالى بثمن النعيم في الدنيا فلم يأتوا به، فأغرمهم ثمنها بإدخالهم النار.


الصفحة التالية
Icon