النحاس : وتعجب أبو حاتم من قراءة أهل المدينة هذه ؛ لأن أهل المدينة عنده لا يقع في قراءتهم الشاذ، وإنما يقال : أقتر يقتر إذا افتقر، كما قال عز وجل :﴿ وَعَلَى المقتر قَدْرُهُ ﴾ [ البقرة : ٢٣٦ ] وتأوّل أبو حاتم لهم أن المسرف يفتقر سريعاً.
وهذا تأويل بعيد، ولكن التأويل لهم أن أبا عمر الجَرْميّ حكى عن الأصمعيّ أنه يقال للإنسان إذا ضيّق : قتر يقتر ويقتر، وأقتر يُقتِر.
فعلى هذا تصح القراءة، وإن كان فتح الياء أصح وأقرب تناولا، وأشهر وأعرف.
وقرأ أبو عمرو والناس ﴿ قَوَاماً ﴾ بفتح القاف ؛ يعني عدلاً.
وقرأ حسّان بن عبد الرحمن :﴿ قِوَاماً ﴾ بكسر القاف ؛ أي مبلغاً وسداداً ومِلاك حال.
والقِوام بكسر القاف : ما يدوم عليه الأمر ويستقر.
وهما لغتان بمعنًى.
و﴿ قَوَاماً ﴾ خبر كان، واسمها مقدر فيها ؛ أي كان الإنفاق بين الإسراف والقتر قواماً ؛ قاله الفراء.
وله قول آخر يجعل ﴿ بَيْن ﴾ اسم كان وينصبها ؛ لأن هذه الألفاظ كثير استعمالها فتركت على حالها في موضع الرفع.
قال النحاس : ما أدري ما وجه هذا ؛ لأن "بينا" إذا كانت في موضع رفع رفعت ؛ كما يقال : بَينُ عينيه أحمرُ. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ١٣ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon