وقال الثعالبى :
وقوله :﴿ الذين يَمْشُونَ ﴾.
خبر مبتدإ، والمعنى : وعباده حَقُّ عباده هم الذين يمشون.
وقوله :﴿ يَمْشُونَ عَلَى الأرض ﴾ عبارة عن عيشهم ومُدَّةِ حياتهم وَتَصَرُّفَاتِهم، و ﴿ هَوناً ﴾ بمعنى أَنَّ أمرهم كله هَيِّنُ، أي : ليِّنٌ حسن ؛ قال مجاهد : بالحلم والوقار.
وقال ابن عباس بالطاعة والعَفَاف والتواضع، وقال الحسن : حُلَمَاءُ، إنْ جُهلَ عليهم لم يجهلوا.
قال الثعلبيُّ : قال الحسن : يمشون حلماء علماء مثلَ الأنبياء، لا يؤذون الذَّرَّ في سكونٍ وتواضع وخشوع، وهو ضدُّ المُخْتَالُ الفخور الذي يختال في مشيه، اه.
قال عياض في صفة نَبِيِّنا محمد ﷺ : يخطو تكفُّؤاً، ويمشي هوناً، كأنَّما ينحطُّ من صبب، انتهى من «الشفا».
قال أبو حيان :﴿ هَوناً ﴾ : نعت لمصدر محذوف، أي : مشياً هوناً، أول حال، أي : هَيِّنِينَ، انتهى، وروى الترمذيُّ عن ابن مسعود أَنَّ النبي ﷺ قال :" أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِمَنْ يَحْرُمُ عَلَى النَّارِ أَوْ بِمَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ النَّارُ؟ على كُلِّ قَرِيبٍ، هَيِّنٍ، سَهْلٍ "، قال أَبو عيسى : هذا حديث حسن، انتهى.
﴿ وَإِذا خَاطَبَهُمُ الجاهلون قَالُوا سلاما ﴾ العامل في ﴿ سلاماً ﴾ ﴿ قالوا ﴾، والمعنى : قالوا هذا اللفظ، وقال مجاهد : معنى ﴿ سلاماً ﴾ : قولاً سداداً، أي : يقول للجاهل كلاماً يدفعه به برفقٍ ولينٍ، وهذه الآية كانت قبل آية السيف فَنُسِخَ منها ما يَخُصُّ الكَفَرَةَ، وَبَقِيَ أَدبها في المسلمين إلى يوم القيامة، قال صاحب «الحكم الفارقية» : إذا نازعك إنسان فلا تجبه ؛ فإنَّ الكلمة الأولى أُنْثَى واجباتُها فحلها، فإنْ أمسكت عنها بترتها وقطعت نسلها، وإنْ أجبتها ألقحتها، فكم من نسل مذمومٍ يتولد بينهما في ساعة واحدة، انتهى.