فالمراد أنه سبحانه لما وعد بالمنافع أولاً وبالتعظيم ثانياً، بين أن من صفتهما الدوام وهو المراد من قوله :﴿خالدين فِيهَا﴾ ومن صفتهما الخلوص أيضاً وهو المراد من قوله :﴿حَسُنَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً﴾ وهذا في مقابلة قوله :﴿سَاءتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً﴾ أي ما أسوأ ذلك وما أحسن هذا.
أما قوله :
﴿ قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا (٧٧) ﴾
فاعلم أنه سبحانه لما شرح صفات المتقين، وشرح حال ثوابهم أمر رسوله أن يقول :﴿قُلْ مَا يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبّى لَوْلاَ دُعَاؤُكُمْ﴾ فدل بذلك على أنه تعالى غني عن عبادتهم، وأنه تعالى إنما كلفهم لينتفعوا بطاعتهم وفيه مسائل :
المسألة الأولى :
قال الخليل ما أعبأ بفلان أي ما أصنع به كأنه ( يستقله ) ويستحقره، وقال أبو عبيدة ما أعبأ به أي وجوده وعدمه عندي سواء، وقال الزجاج معناه أي لا وزن لكم عند ربكم، والعبء في اللغة الثقل، وقال أبو عمرو بن العلاء ما يبالي بكم ربي.
المسألة الثانية :
في ﴿مَا﴾ قولان أحدهما أنها متضمنة لمعنى الاستفهام وهي في محل النصب وهي عبارة عن المصدر، كأنه قيل وأي عبء يعبأ بكم لولا دعاؤكم، والثاني أن تكون ما نافية.
المسألة الثالثة :


الصفحة التالية
Icon