فإن قيل : العمل الصالح يدخل فيه التوبة والإيمان، فكان ذكرهما قبل ذكر العمل الصالح حشواً، قلنا : أفردهما بالذكر لعلو شأنهما، ولما كان لا بد معهما من سائر الأعمال لا جرم ذكر عقيبهما العمل الصالح.
المسألة الرابعة :
اختلفوا في المراد بقوله :﴿فَأُوْلَئِكَ يُبَدّلُ الله سَيّئَاتِهِمْ حسنات﴾ على وجوه : أحدها : قول ابن عباس والحسن ومجاهد وقتادة : إن التبديل إنما يكون في الدنيا، فيبدل الله تعالى قبائح أعمالهم في الشرك بمحاسن الأعمال في الإسلام فيبدلهم بالشرك إيماناً، وبقتل المؤمنين قتل المشركين، وبالزنا عفة وإحصاناً، فكأنه تعالى يبشرهم بأنه يوفقهم لهذه الأعمال الصالحة فيستوجبوا بها الثواب وثانيها : قال الزجاج : السيئة بعينها لا تصير حسنة، ولكن التأويل أن السيئة تمحى بالتوبة وتكتب الحسنة مع التوبة والكافر يحبط الله عمله ويثبت عليه السيئات.
وثالثها : قال قوم : إن الله تعالى يمحو السيئة عن العبد ويثبت له بدلها الحسنة بحكم هذه الآية، وهذا قول سعيد بن المسيب ومكحول، ويحتجون بما روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ أنه قال :
" ليتمنين أقوام أنهم أكثروا من السيئات، قيل من هم يا رسول الله ؟ قال الذين يبدل الله سيئاتهم حسنات " وعلى هذا التبديل في الآخرة ورابعها : قال القفال والقاضي : أنه تعالى يبدل العقاب بالثواب فذكرهما وأراد ما يستحق بهما، وإذا حمل على ذلك كانت الإضافة إلى الله حقيقة لأن الإثابة لا تكون إلا من الله تعالى.
أما قوله تعالى :﴿وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صالحا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى الله مَتاباً﴾ ففيه سؤالان :