فأظهر لهم بخطابه قوة شكيمته وأغراهم حتى أخرجهم جميعا من بلادهم ولحقوا بموسى وقومه ليردوهم إلى مصر ويضيقوا عليهم أكثر من ذي قبل انتقاما منهم، قال تعالى "فَأَخْرَجْناهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ" ٥٨ من بلادهم الموصوفة بذلك "وَكُنُوزٍ" من ذهب وفضة تركوها فيها وإنما سماها اللّه كنوزا لأنهم لم يؤدوا حق اللّه منها وكل مال هذا شأنه يسمى كنزا، قالوا كان لفرعون ثمانمائة ألف غلام كل غلام على فرس عتيق في عنق كل فرس طوق من ذهب "وَمَقامٍ كَرِيمٍ" ٥٩ مجلس حسن بهي بهيج، قالوا وكان إذا قعد على سريره وضع بين يديه ثلاثمائة كرسي من الذهب يجلس عليها أشراف قومه وأمراؤهم وهم ملأوه أهل الحل والعقد من وزراء ووكلاء وما ضاهاهم مغشاة بأقبية الديباج "كَذلِكَ" كان فرعون وملأوه من العظمة والأبهة، ولما لم يشكر اللّه على ما أولاه من ذلك المقام، وكفر هذه النعمة وادعى الإلهية فوقها، سلبنا ذلك كله منه ومن قومه "وَأَوْرَثْناها" أي الجنان والكنوز والمقامات وغيرها "بَنِي إِسْرائِيلَ" ٦٠ حيث رجعوا إلى مصر بعد إغراق القبط واستولوا على ديارهم وأموالهم، قال تعالى حاكيا كيفية إغراقهم على الإجمال "فَلَمَّا تَراءَا الْجَمْعانِ" رأى قوم فرعون
قوم موسى لأنهم جدّوا السير في لحوقهم، ورأى قوم موسى قوم فرعون "قالَ أَصْحابُ مُوسى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ" ٦١ من فرعون وقومه ولا طاقة لنا بهم وذلك لشدة خوفهم منهم لأنهم نشأوا أرقاء عندهم وتوطنت نفوسهم على الذل واشرأبت قلوبهم من سطوتهم فيه وغشيهم الهوان