لك عليّ حق التربية وأعترف بنعمتك علي، ولهذا أوصاني ربي أن أستعمل معك اللين جزاء لحقك،
ومن حق تربيتك لي وجوب إرشادي إليك مكافئة لك، راجع الآية ٤٣ من سورة طه، ثم أعلم أن اللّه تعالى علم نيتي فغفر لي جريمة القتل لأني فعلتها عن غير قصد حال صغري،
ثم تلطف بي وعطف علي "فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً" وأهلني له، وأوله بعضهم بالعلم أي أزال عني الجهل، وبعضهم بالنبوة، وظاهر القرآن يؤيد الأول وعليه المعول "وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ" ٢١ إليك وإلى قومك وإلى بني إسرائيل "وَتِلْكَ" التربية "نِعْمَةٌ تَمُنُّها" تمن بها من باب الحذف والإيصال "عَلَيَّ" وجدير أن تجازى بها خيرا لو لم يكن ذلك بسبب "أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرائِيلَ" ٢٢ قومي وأذللتهم وذبحت أولادهم خوفا على ملكك، ولو لا هذا لما جعلت بين يديك ولم أكن في مهد تربيتك لأني صرت إليك بسبب ذلك، وعبّد بمعنى ذلل واتخذ عبدا، ولهذا المعنى قال موسى "تَمُنُّها" على طريق الاستفهام الإنكاري، وجاز فيه حذف حرف الاستفهام على حد قول عمر بن عبد اللّه ابن ربيعة :
لم أنس يوم الربيع وقفتها وطرفها من دموعها غرق
وقولها والركاب وافقة تتركني هكذا وتنطلق


الصفحة التالية
Icon