فصل


قال الفخر :
وأما قوله :﴿إِنَّا رَسُولُ رَبّ العالمين﴾
ففيه سؤال وهو أنه هلا ثنى الرسول كما ثنى في قوله :﴿إِنَّا رَسُولاَ رَبّكَ﴾ جوابه من وجوه : أحدها : أن الرسول اسم للماهية من غير بيان أن تلك الماهية واحدة أو كثيرة والألف واللام لا يفيدان إلا الوحدة لا الاستغراق، بدليل أنك تقول الإنسان هو الضحاك ولا تقول كل إنسان هو الضحاك ولا أيضاً هذا الإنسان هو الضحاك، وإذا ثبت أن لفظ الرسول لا يفيد إلا الماهية وثبت أن الماهية محمولة على الواحد وعلى الاثنين ثبت صحة قوله :﴿إِنَّا رَسُولُ رَبّ العالمين﴾ وثانيها : أن الرسول قد يكون بمعنى الرسالة قال الشاعر :
لقد كذب الواشون ما فهت عندهم.. بسر ولا أرسلتهم برسول
فيكون المعنى إنا ذو رسالة رب العالمين وثالثها : أنهما لاتفاقهما على شريعة واحدة واتحادهما بسبب الأخوة كأنهما رسول واحد ورابعها : المراد كل واحد منا رسول وخامسها : ما قاله بعضهم أنه إنما قال ذلك لا بلفظ التثنية لكونه هو الرسول خاصة وقوله :﴿إنا﴾ فكما في قوله تعالى :﴿إِنَّا أنزلناه﴾ [ يوسف : ٢ ] وهو ضعيف.
وأما قوله :﴿أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِى إسرائيل ﴾ فالمراد من هذا الإرسال التخلية والإطلاق كقولك أرسل البازي، يريد خلهم يذهبوا معنا.
﴿ قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ (١٨) ﴾


الصفحة التالية
Icon