فإن قلت ما معنى الجمع بين كم وكل، ولم لم يقل كم أنبتنا فيها من زوج كريم ؟ قلت : قد دل كل على الإحاطة بأزواج النبات على سبيل التفصيل وكم على أن هذا المحيط متكاثر مفرط الكثرة، فهذا معنى الجمع ( رتبه ) على كمال قدرته، فإن قلت : فحين ذكر الأزواج ودل عليها بكلمتي الكثرة والإحاطة وكانت بحيث لا يحصيها إلا عالم الغيب فكيف قال :﴿إِنَّ فِى ذَلِكَ لآيَةً﴾ وهلا قال لآيات ؟ قلت فيه وجهان : أحدهما : أن يكون ذلك مشاراً به إلى مصدر أنبتنا، فكأنه قال إن في ذلك الإنبات لآية أي آية والثاني : أن يراد أن في كل واحد من تلك الأزواج لآية.
المسألة الرابعة :
احتجت المعتزلة على خلق القرآن بقوله تعالى :﴿وَمَا يَأْتِيهِم مّن ذِكْرٍ مّنَ الرحمن مُحْدَثٍ﴾ فقالوا الذكر هو القرآن لقوله تعالى :﴿وهذا ذِكْرٌ مُّبَارَكٌ﴾ [ الأنبياء : ٥٠ ] وبين في هذه الآية أن الذكر محدث فيلزم من هاتين الآيتين أن القرآن محدث، وهذا الاستدلال بقوله تعالى :﴿الله نَزَّلَ أَحْسَنَ الحديث كتابا﴾ [ الزمر : ٢٣ ] وبقوله :﴿فَبِأَيّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ﴾ [ المرسلات : ٥٠ ] وإذا ثبت أنه محدث فله خالق فيكون مخلوقاً لا محالة والجواب : أن كل ذلك يرجع إلى هذه الألفاظ ونحن نسلم حدوثها إنما ندعي قدم أمر آخر وراء هذه الحروف، وليس في الآية دلالة على ذلك. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٢٤ صـ ١٠٣ ـ ١٠٥﴾


الصفحة التالية
Icon