وقيل : لمّا وصف الأعناق بالخضوع، وهو من صفات بني آدم، أخرج الفعل مخرج الآدميِّين كما بيَّنَّا في قوله :﴿ والشمسَ والقمرَ رأيتُهم لي ساجدِين ﴾ [ يوسف : ٤ ]، وهذا اختيار أبي عبيدة.
وقال الزجاج : قوله :﴿ فظلَّت ﴾ معناه : فتَظَلُّ، لأن الجزاء يقع فيه لفظ الماضي في معنى المستقبل، كقولك : إِن تأْتني أكرمتُكَ، معناه : أُكْرِمْكَ ؛ وإِنما قال :﴿ خاضعِين ﴾ لأن خضوع الأعناق هو خضوع أصحابها، وذلك أن الخضوع لمَّا لم يكن إِلا بخضوع الأعناق، جاز أن يخبر عن المضاف إِليه، كما قال الشاعر :
رَأتْ مَرَّ السّنِينَ أخَذْنَ مِنِّي...
كمَا أخَذَ السِّرَارُ مِنَ الهِلالِ
فلما كانت السّنون لا تكون إِلا بمَرٍّ، أخبر عن السنين، وإِن كان أضاف إِليها المرور.
قال : وجاء في التفسير أنه يعني بالأعناق كبراءَهم ورؤساءَهم.
وجاء في اللغة : أن أعناقهم جماعاتهم ؛ يقال : جاءني عُنُق من الناس، أي : جماعة.
وما بعد هذا قد سبق تفسيره [ الأنبياء : ٢ ] إِلى قوله :﴿ أَولَم يَرَو إِلى الأرض ﴾ يعني المكذِّبين بالبعث ﴿ كم أَنْبَتْنَا فيها ﴾ بعد أن لم يكن فيها نبات ﴿ من كُلِّ زوج كريم ﴾ قال ابن قتيبة : من كل جنس حسن.
وقال الزجاج : الزوج : النوع، والكريم : المحمود.
قوله تعالى :﴿ إِنَّ في ذلك ﴾ الإِنبات ﴿ لآيةً ﴾ تدل على وحدانية الله وقُدرته ﴿ وما كان أكثرُهم مؤمنين ﴾ أي : ما كان أكثرهم يؤمِن في عِلْم الله، ﴿ وإِنَّ ربَّك لَهوَ العزيز ﴾ المنتقِم من أعدائه ﴿ الرَّحيمُ ﴾ بأوليائه. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ٦ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon