وقوله :﴿ أَلْقُواْ مَآ أَنتُمْ مُّلْقُونَ ﴾ [ الشعراء : ٤٣ ] هذه هي الغاية التي انتهى إليها بعد المحاورة مع السحرة.
فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ (٤٤)
فكانت العصىّ والحبال هي آلات سحرهم ﴿ وَقَالُواْ بِعِزَّةِ فِرْعَونَ إِنَّا لَنَحْنُ الغالبون ﴾ [ الشعراء : ٤٤ ] بعزة فرعون : هذا قسمهم، وما أخيبه من قسم ؛ لأن فرعون لا يُغلَب ولا يُقهر في نظرهم، وسبق أن أوضحنا أن العزة تعني عدم القهر وعدم الغلبة، لكن عزة فرعون عزة كاذبة وأنفة وكبرياء بلا رصيد من حق، وعزة بالإثم كالتي قال الله عنها :﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتق الله أَخَذَتْهُ العزة بالإثم ﴾ [ البقرة : ٢٠٦ ].
وقال تعالى :﴿ ص والقرآن ذِي الذكر * بَلِ الذين كَفَرُواْ فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ ﴾ [ ص : ١٢ ] أي : عزة بإثم، وعزة بباطل.
ومنه أيضاً قوله تعالى عن المنافقين :﴿ لَئِن رَّجَعْنَآ إِلَى المدينة لَيُخْرِجَنَّ الأعز مِنْهَا الأذل ﴾ [ المنافقون : ٨ ] فصدّق القرآن على قولهم بأن الأعزَّ سيُخرج الأذلّ، لكن ﴿ وَلِلَّهِ العزة وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [ المنافقون : ٨ ].
وما دام الأمر كذلك فأنتم الأذّلة، وأنتم الخارجون، وقد كان.
ويقال : إن أدوات سحرهم وهي العصيّ والحبال كانت مُجوفة وقد ملئوها بالزئبق، فلما ألقوها في ضوء الشمس وحرارتها أخذتْ تتلاعب، كأنها تتحرك، وهذا من حيل السَّحَرة وألاعيبهم التي تُخيِّل للأعين وهي غير حقيقية، فحقيقة الشيء ثابتة، أمّا المسحور فيخيل إليه أنها تتحرك. أ هـ ﴿تفسير الشعراوى صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon