في التنفير عن المحق وثالثها : قوله لهم :﴿فَمَاذَا تَأْمُرُونَ﴾ أي فما رأيكم فيه وما الذي أعمله، يظهر من نفسه أني متبع لرأيكم ومنقاد لقولكم، ومثل هذا الكلام يوجب جذب القلوب وانصرافها عن العدو فعند هذه الكلمات اتفقوا على جواب واحد وهو قوله :﴿أَرْجِهْ﴾ قرىء ( أرجئه ) و ( أرجه ) بالهمز والتخفيف، وهما لغتان يقال : أرجأته وأرجيته إذا أخرته، والمعنى أخره ومناظرته لوقت اجتماع السحرة، وقيل احبسه وذلك محتمل، لأنك إذا حبست الرجل عن حاجته فقد أخرته.
روي أن فرعون أراد قتله ولم يكن يصل إليه، فقالوا له لا تفعل، فإنك إن قتلته أدخلت على الناس في أمره شبهة، ولكن أرجئه وأخاه إلى أن تحشر السحرة ليقاوموه فلا يثبت له عليك حجة، ثم أشاروا عليه بإنفاذ حاشرين يجمعون السحرة، ظناً منهم بأنهم إذا كثروا غلبوه وكشفوا حاله وعارضوا قوله :﴿إِنَّ هذا لساحر عَلِيمٌ﴾ بقولهم :﴿بِكُلّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ﴾ فجاءوا بكلمة الإحاطة وبصيغة المبالغة ليطيبوا قلبه وليسكنوا بعض قلقه، قال صاحب "الكشاف" فإن قلت : قوله تعالى :﴿قَالَ لِلْمَلإِ حَوْلَهُ﴾ ما العامل في ( حوله ) ؟ قلت : هو منصوب نصبين نصب في اللفظ ونصب في المحل والعامل في النصب اللفظي ما يقدر في الظرف، والعامل في النصب المحلي هو النصب على الحال.
﴿ فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (٣٨) ﴾
وفيه مسألتان :
المسألة الأولى :
اليوم المعلوم يوم الزينة وميقاته وقت الضحى، لأنه الوقت الذي وقته لهم موسى عليه السلام من يوم الزينة في قوله :﴿مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزينة وَأَن يُحْشَرَ الناس ضُحًى﴾ [ طه : ٥٩ ] والميقات ما وقت به أي حدد من مكان وزمان ومنه مواقيت الإحرام.
المسألة الثانية :