عَنْهُ مُعْرِضِينَ فَقَدْ كَذَّبُواْ } الخ وإيثارُ الجملة الاسميَّةِ للدِّلالةِ على استقرارهم على عدمِ الإيمانِ واستمرارهم عليه ويجوزُ أن يجعلَ كان بمعنى صَار كما فعل ذلك في قوله تعالى :﴿ وَكَانَ مِنَ الكافرين ﴾ فالمَعْنى وما صار أكثرُهم مؤمنين مع ما سمعُوا من الآية العظيمة الموجبة له بما ذُكر من الطَّريقينِ فيكون الإخبارُ بعدم الصَّيرورةِ قبل الحدوث للدِّلالةِ على كمالِ تحقُّقهِ وتقرّره كقولِه تعالى :﴿ أتى أَمْرُ الله ﴾ الآيةَ.
﴿ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ العزيز ﴾ الغالبُ على كلِّ ما يريدُه من الأمور التي من جُملتها الانتقام من المكذِّبين. ﴿ الرحيم ﴾ المبالغُ في الرَّحمة ولذلك يُمهلهم ولا يعجَّلُ عقوبتَهم بعدم إيمانهم بعد مُشاهدة هذه الآية العظيمة بطريقِ الوحيِ مع كمال استحقاقِهم لذلك. هذا هو الذي يقتضيهِ جزالةُ النَّظمِ الكريمِ من مطلع السُّورةِ الكريمةِ إلى آخر القِصص السبع بل إلى آخرِ السُّورةِ الكريمةِ اقتضاءً ببِّناً لا ريبَ فيه وأمَّا ما قيل مِنْ أنَّ ضميرَ أكثرُهم لأهل عصرِ فرعونَ من القبطِ وغيرِهم وأنّ المعنى وما كان أكثرُ أهل مصرَ مؤمنين حيثُ لم يؤمن منهم إلا آسيةُ وحِزقيلُ ومريمُ ابنةُ يامُوشاً التي دلَّتْ على تابوتِ يوسفَ عليه السَّلامُ.