﴿ قَالَ ﴾ موسى عليه السلام ردعاً لهم عن ذلك وإرشاداً إلى أن تدبير الله عز وجل يغني عن تدبيره :﴿ كَلاَّ ﴾ لن يدركوكم ﴿ إِنَّ مَعِىَ رَبّى ﴾ بالحفظ والنصرة ﴿ سَيَهْدِينِ ﴾ قريباً إلى ما فيه نجاتكم منهم ونصركم عليهم، ولم يشركهم عليه السلام في المعية والهداية إخراجاً للكلام على حسب ما أشاروا إليه في قولهم ﴿ إِنَّا لَمُدْرَكُونَ ﴾ [ الشعراء : ٦١ ] من طلب التدبير منه عليه السلام، وقيل : لما كان عليه السلام هو الأصل وغيره تبع له محفوظون منصورون بواسطته وشرفه وكرامته قال :﴿ مَعِىَ ﴾ دون معنا وكذا قال :﴿ سَيَهْدِينِ ﴾ دون سيهدينا، وقيل : قال ذلك جزاء لهم على غفلتهم عن قوله تعالى له علي السلام ﴿ أَنتُمَا وَمَنِ اتبعكما الغالبون ﴾ [ القصص : ٣٥ ] حتى خافوا فقالوا ما قالوا فإن الظاهر أنهم سمعوا ذلك من موسى عليه السلام في مدة بقائهم معه في مصر أو غفلتهم عن عناية الله تعالى بهم حين كانوا مع القبط في مصر حيث لم يصبهم ما أصابهم من الدم ونحوه من الآيات المقتضية بواسطة حسن الظن أنجاهم منهم حين أمروا بالخروج فلحقوهم وكان تأديبه لهم على ذلك بمجرد عدم إشراكهم فيما ذكر لا أنه نفاه عنهم كما يتوهم من تقديم الخبر فإن تقديمه لأجل الاهتمام بأمر المعية التي هي مدار النجاة المطلوبة، وقيل : للحصر لكن بالنسبة إلى فرعون وجمعه، وقيل : على القول الثاني في توجيه عدم إشراكهم : إنه للحصر بالنسبة إليهم أيضاً على معنى إن معي أولاً وبالذات ربي لا معكم كذلك، وقيل : قدم المعية هنا وأخرت في قوله تعالى :﴿ إِنَّ الله مَعَنَا ﴾ [ التوبة : ٤٠ ] لأن المخاطب هنا بنو إسرائيل وهم أغبياء يعرفون الله عز وجل بعد النظر والسماع من موسى عليه السلام والمخاطب هناك الصديق رضي الله تعالى عنه وهو ممن يرى الله تعالى قبل كل شيء، ولاختلاف المقام نظم نبينا ﷺ صاحبه معه في المعية ولم يقدم له ردعاً وزجراً وخاطبه


الصفحة التالية
Icon