وهذا الذي ذكر أنه يجوز فيه قياس مذكر لا يجوز، لأن ذلك الإبدال، وهو إبدال التاء دالاً، لا يكون إلا في افتعل، مما فاؤه ذال أو زاي أو دال، نحو : إذدكر، وازدجر، وادهن، أصله : اذتكر، وازتجر، وادتهن ؛ أو جيم شذوذ، قالوا : اجد مع في اجتمع، ومن تاء الضمير بعد الزاي والدال، ومثلوا بتاء الضمير للمتكلم فقالوا في فزت : فزد، وفي جلدت : جلدّ، ومن تاء تولج شذوذاً قالوا : دولج، وتاء المضارعة ليست شيئاً مما ذكرنا، فلا تبدل تاءه.
وقول ابن عطية : والذي منع من هذا اللفظ إلى آخره، يدل على أنه لولا ذلك لجاز إبدال تاء، المضارعة دالاً وإدغام الذال فيها، فكنت تقول : إذ تخرج : ادّخرج، وذلك لا يقوله أحد، بل إذا أدغم مثل هذا أبدل من الذال تاء وأدغم في التاء، فتقول : اتخرج.
﴿ أو ينفعونكم بتقربكم إليهم ودعائكم إياهم.
أو يضرون ﴾
بترك عبادتكم إياهم، فإذا لم ينفعوا ولم يضروا، فما معنى عبادتكم لها؟ ﴿ قالوا بل وجدنا ﴾ هذه حيدة عن جواب الاستفهام، لأنهم لو قالوا : يسمعوننا وينفعوننا ويضروننا، فضحوا أنفسهم بالكذب الذي لا يمتري فيه، ولو قالوا : يسمعوننا ولا يضروننا، أسجلوا على أنفسهم بالخطأ المحض، فعدلوا إلى التقليد البحث لآبائهم في عبادتها من غير برهان ولا حجة.
والكاف في موضع نصب بيفعلون، أي يفعلون في عبادتهم تلك الأصنام مثل ذلك الفعل الذي يفعله، وهو عبادتهم ؛ والحيدة عن الجواب من علامات انقطاع الحجة.
وبل هنا إضراب عن جوابه لما سأل وأخذ في شيء آخر لم يسألهم عنه انقطاعاً وإقراراً بالعجز.
﴿ وآباؤكم الأقدمون ﴾ : وصفهم بالأقدمين دلالة على ما تقادم عبادة الأصنام فيهم، وإذ كانوا قد عبدوها في زمان نوح عليه السلام، فزمان من بعده؟. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٧ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon