إذن : شهد شاهد من أهلها، وقالوا بأنفسهم ﴿ نَعْبُدُ أَصْنَاماً ﴾ [ الشعراء : ٧١ ] والعبادة طاعة، فماذا قالت لهم الأصنام؟ وبماذا أمرتهم؟ طبعاً، ليس عندهم جواب.
وليت الأمر يقف عند العبادة، إنما ﴿ فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ ﴾ [ الشعراء : ٧١ ] أي : قائمين على عبادته ليلَ نهار، نعم ولكم حق ؛ لأنها آلهة دون تكليف، وعبادة بلا مشقة وبلا التزام، إنها بلطجة تأخذون فيها حظَّ أنفسكم، وتفعلون معها ما تريدون.
لكن، كيف جادلهم إبراهيم عليه السلام؟ وبم رَدَّ عليهم؟
قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ (٧٢) أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ (٧٣)
فالأصنام لا تسمع مَنْ توجّه إليها بالدعاء، ولا تنفع مَنْ عبدها، ولا تضر مَنْ كفر بها ؛ لذلك لم يجدوا رداً، وحاروا جواباً، ولم يجدوا حُجّة إلا أن قالوا :
﴿ قَالُواْ بَلْ وَجَدْنَآ ﴾
إذن : أنتم لم تُحكِّموا عقولكم في هذه المسألة، كما قالوا في موضع آخر :﴿ إِنَّا وَجَدْنَآ آبَآءَنَا على أُمَّةٍ وَإِنَّا على آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ ﴾ [ الزخرف : ٢٣ ].
ونقول لهم : ومتى ظللتم على تقليد آبائكم فيما يفعلون؟ إنكم لو أقمتُم على تقليد الآباء ما ارتقيتم في حياتكم أبداً، فلماذا إذن تحرصون على التقليد في هذه المسألة بالذات دون غيرها.
قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (٧٥)
يقول إبراهيم عليه السلام : لا تلقوا بالمسألة على الآباء، وتُعلِّقوا عليهم أخطاءكم، ثم يعلنها صريحة متحدية كأنه يقول لهم : الحمرة في خيلكم اركبوها. أ هـ ﴿تفسير الشعراوى صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon