السؤال الأول : لم قال :﴿والذى أَطْمَعُ﴾ والطمع عبارة عن الظن والرجاء، وإنه عليه السلام كان قاطعاً بذلك ؟ جوابه : أن هذا الكلام لا يستقيم إلا على مذهبنا، حيث قلنا إنه لا يجب على الله لأحد شيء، وأنه يحسن منه كل شيء ولا اعتراض لأحد عليه في فعله، وأجاب الجبائي عنه من وجهين : الأول : أن قوله :﴿والذى أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِى خَطِيئَتِى﴾ أراد به سائر المؤمنين لأنهم الذين يطمعون ولا يقطعون به الثاني : المراد من الطمع اليقين، وهو مروي عن الحسن وأجاب صاحب "الكشاف" : بأنه إنما ذكره على هذا الوجه تعليماً منه لأمته كيفية الدعاء.
واعلم أن هذه الوجوه ضعيفة، أما الأول : فلأن الله تعالى حكى عنه الثناء أولاً والدعاء ثانياً ومن أول المدح إلى آخر الدعاء كلام إبراهيم عليه السلام فجعل الشيء الواحد وهو قوله :﴿والذى أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِى خَطِيئَتِى يَوْمَ الدين﴾ كلام غيره مما يبطل نظم الكلام ويفسده، وأما الثاني : وهو أن الطمع هو اليقين فهذا على خلاف اللغة، وأما الثالث : وهو أن الغرض منه تعليم الأمة فباطل أيضاً لأن حاصله يرجع إلى أنه كذب على نفسه لغرض تعليم الأمة، وهو باطل قطعاً.


الصفحة التالية
Icon