ولما وصلوا إلى التقليد المخض الخالي عن أدنى نظر كما تفعل البهائم والطير في تبعها لأولها ﴿قال﴾ معرضاً عن جواب كلامهم بنقص، إشارة إلى أنه ساقط لا يرتضيه من شم رائحة الرجولية :﴿أفرأيتم﴾ أي فتسبب عن قولكم هذا أني أقول لكم : أرأيتم، اي إن لم تكونوا رأيتموهم رؤية موجبة لتحقق أمرهم فانظروهم نظراً شافياً ﴿ما كنتم﴾ أي كوناً هو كالجبلة لكم ﴿تعبدون﴾ مواظبين على عبادتهم ﴿أنتم ﴾.
ولما أجابوه بالتقليد، قال لهم ما معناه، رقوا تقليدكم هذا إلى أقصى غاياته، فإن التقدم والأولوية لا تكون برهاناً على الصحة، والباطل لا ينقلب حقاً بالقدم، وذلك مراده من قوله :﴿وآباؤكم الأقدمون﴾ أي الذين هم أقدم ما يكونون : هل لهم وصف غير ما أقررتم به من عدم السماع والنفع والضر؟. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٥ صـ ٣٦٦ ـ ٣٦٨﴾