ولما كان ذلك أمراً باهراً، عظمه بقوله :﴿إن في ذلك﴾ أي الأمر العظيم من الدعاء والإمهال ثم الإنجاء والإهلاك ﴿لآية﴾ أي عظيمة لمن شاهد ذلك أو سمع به، على أنا ننتقم ممن عصانا، وننجي من أطاعنا، وأنه لا أمر لأحد معنا فيهديه إلى الإيمان، ويحمله على الاستسلام والإذعان ﴿وما﴾ أي والحال أنه ما ﴿كان أكثرهم﴾ أي أكثر العالمين بذلك ﴿مؤمنين﴾ وقد ينبغي لهم إذ فاتهم الإيمان لمحض الدليل أن يبادروا إليه ويركبوا معه حين رأوا أوائل العذاب أو بعد أن ألجمهم الغرق ﴿وإن ربك﴾ المحسن إليك بإرسالك، وتكثير أتباعك، وتعظيم أشياعك ﴿لهو العزيز﴾ أي القادر بعزته على كل من قسرهم على الطاعة، وإهلاكهم في أول أوقات المعصية ﴿الرحيم﴾ أي الذي يخص من يشاء من عباده بخالص وداده، ويرسل إلى الضالين عن محجة العقل القويمة الرسل لبيان ما يجب وما يكره، فلا يهلك إلا بعد البيان الشافي، والإبلاغ الوافي. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٥ صـ ٣٧٣ ـ ٣٧٧﴾


الصفحة التالية
Icon