ولما كان مضمون هذا الدعاء لهم والإنكار عليهم في عدم التقوى علل ذلك بقوله :﴿إني لكم﴾ أي خاصة ﴿رسول أمين﴾ أي لا شيء من غش ولا خيانة عندي، ولذلك سبب عنه قوله :﴿فاتقوا الله﴾ أي لقدرته على إهلاك من يريد وتعاليه في عظمته ﴿وأطيعون﴾ أي لأن طاعتي سبب نجاتكم، لأني لا آمركم إلا بما يرتضيه.
ولا أنهاكم إلا عما يغضبه.
ولما أثبت الداعي إلى طاعته، نفى الناهي عنها فقال :﴿وما أسئلكم عليه﴾ أي الدعاء إلى الله ﴿من أجر﴾ أي فتتهموني بسببه ؛ ونفى سؤاله لغيرهم من الخلائق بتخصيصه بالخالق فقال :﴿إن﴾ أي ما ﴿أجري إلا على رب العالمين﴾ أي المحسن إليهم بإيجادهم ثم تربيتهم.
فلما وجدوا المقتضى لاتباعه وانتفى المانع، أنكر عليهم ما يوجب عذابهم من إيثارهم شهوة الفرج المخرج لهم إلى ما صاروا به سبة في الخلق فقال موبخاً مقرعاً بياناً لتفاحش فعلهم وعظمه :﴿أتأتون﴾ أي إتيان المعصية ﴿الذكران﴾ ولعلهم كانوا يفعلون بالذكور من غير الآدميين توغلاً في الشر وتجاهراً بالتهتك لقوله :﴿من العالمين﴾ أي كلهم، أو يكون المعنى : من بين الخلائق، أي أنكم اختصصتم بإتيان الذكران، لم يفعل هذا الفعل غيركم من الناكحين من الخلق ﴿وتذرون﴾ أي تتركون لهذا الغرض ﴿ما خلق لكم﴾ أي النكاح ﴿ربكم﴾ المحسن إليكم ﴿من أزواجكم﴾ أي وهن الإناث، على أن " من " للبيان، ويجوز أن تكون مبعضة، ويكون المخلوق كذلك هو القبل.


الصفحة التالية
Icon