فصل
قال الفخر :
﴿ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ (١٧٦) ﴾
القصة السابعة قصة شعيب عليه السلام
قرىء ﴿أصحاب الأيكة﴾ بالهمزة وبتخفيفها وبالجر على الإضافة وهو الوجه، ومن قرأ بالنصب وزعم أن ليكة بوزن ليلة اسم بلد يعرف فتوهم قاد إليه خط المصحف حيث وجدت مكتوبة في هذه السورة وفي سورة ص بغير ألف لكن قد كتبت في سائر القرآن على الأصل والقصة واحدة على أن ليكة اسم لا يعرف، روي أن أصحاب الأيكة كانوا أصحاب شجر ملتف وتلك الشجر هي التي حملها المقل، فإن قيل هلا قال أخوهم شعيب كما في سائر المواضع جوابه : أن شعيباً لم يكن من أصحاب الأيكة، وفي الحديث :" إن شعيباً أخا مدين أرسل إليهم وإلى أصحاب الأيكة " ثم إن شعيباً عليه السلام أمرهم بأشياء أحدها : قوله :﴿أَوْفُواْ الكيل وَلاَ تَكُونُواْ مِنَ المخسرين﴾ وذلك لأن الكيل على ثلاثة أضرب واف وطفيف وزائد فأمر بالواجب الذي هو الإيفاء بقوله :﴿أَوْفُواْ الكيل﴾ ونهى عن المحرم الذي هو التطفيف بقوله :﴿وَلاَ تَكُونُواْ مِنَ المخسرين﴾ ولم يذكر الزائد لأنه بحيث إن فعله فقد أحسن وإن لم يفعله فلا إثم عليه، ثم إنه لما أمر بالإيفاء بين أنه كيف يفعل فقال :﴿وَزِنُواْ بالقسطاس المستقيم﴾ قرىء ﴿بالقسطاس﴾ مضموماً ومكسوراً وهو الميزان، وقيل القرسطون وثانيها : قوله تعالى :﴿وَلاَ تَبْخَسُواْ الناس أَشْيَاءهُمْ﴾ يقال بخسه حقه إذا نقصه إياه وهذا عام في كل حق يثبت لأحد أن لا يهضم وفي كل ملك أن لا يغصب ( علية ) مالكه ( ولا يتحيف منه ) ولا يتصرف فيه إلا بإذنه تصرفاً شرعياً وثالثها : قوله تعالى :﴿وَلاَ تَعْثَوْاْ فِى الأرض مُفْسِدِينَ﴾ يقال عثا في الأرض وعثى وعاث وذلك نحو قطع الطريق والغارة وإهلاك الزرع، وكانوا يفعلون ذلك مع توليتهم أنواع الفساد فنهوا عن ذلك ورابعها : قوله تعالى :﴿واتقوا الذى خَلَقَكُمْ والجبلة الأولين﴾ وقرىء ( الجبلة ) بوزن الأبلة وقرىء ( الجبلة ) بوزن الخلقة ومعناهن واحد أي ذوي الجبلة، والمراد أنه المتفضل بخلقهم وخلق من تقدمهم ممن لولا