وأما قوله :﴿على قَلْبِكَ﴾ ففيه قولان : الأول : أنه إنما قال :﴿على قَلْبِكَ﴾ وإن كان إنما أنزله عليه ليؤكد به أن ذلك المنزل محفوظ للرسول متمكن في قلبه لا يجوز عليه التغيير فيوثق بالإنذار الواقع منه الذي بين الله تعالى أنه هو المقصود ولذلك قال :﴿لِتَكُونَ مِنَ المنذرين﴾ الثاني : أن القلب هو المخاطب في الحقيقة لأنه موضع التمييز والاختبار، وأما سائر الأعضاء فمسخرة له والدليل عليه القرآن والحديث والمعقول، أما القرآن فآيات إحداها قوله تعالى في سورة البقرة ( ٩٧ ) :﴿فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ على قَلْبِكَ﴾ وقال ههنا :﴿نَزَلَ بِهِ الروح الأمين على قَلْبِكَ﴾ وقال :﴿إِنَّ فِى ذلك لذكرى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ﴾ [ ق : ٣٧ ]، وثانيها : أنه ذكر أن استحقاق الجزاء ليس إلا على ما في القلب من المساعي فقال :﴿لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ الله باللغو فِى أيمانكم ولكن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ ﴾
[ البقرة : ٢٢٥ ] وقال :﴿لَن يَنَالَ الله لُحُومُهَا وَلاَ دِمَاؤُهَا ولكن يَنَالُهُ التقوى مِنكُمْ﴾ [ الحج : ٣٧ ] والتقوى في القلب لأنه تعالى قال :﴿أُوْلَئِكَ الذين امتحن الله قُلُوبَهُمْ للتقوى﴾ [ الحجرات : ٣ ] وقال تعالى :﴿وَحُصّلَ مَا فِى الصدور﴾ [ العاديات : ١٠ ].