ولما أباح سبحانه الانتصار من الظالم، وكان البادىء - إذا اقتصر المجيب على جوابه - أظلم، كان - إذا تجاوز - جديراً بأن يعتدي فيندم، حذر الله الاثنين مؤكداً للوعيد بالسين في قوله الذي كان السلف الصالح يتواعظون به لأنك لا تجد أهيب منه، ولا أهول ولا أوجع لقلوب المتأملين، ولا أصدع لأكباد المتدبرين :﴿وسيعلم﴾ وبالتعميم في قوله :﴿الذين ظلموا﴾ أي كلهم من كانوا، وبالتهويل بالإبهام في قوله :﴿أي منقلب﴾ أي في الدنيا والآخرة ﴿ينقلبون﴾ وقد انعطف آخرها - كما ترى بوصف الكتاب المبين بما وصف به الجلالة والعظم بأنه من عند الله متنزلاً به خير مليكته، على أشرف خليقته، مزيلاً لكل لبس، منفياً عنه كل باطل، وبالختام بالوعيد على الظلم - على أولها في تعظيم الكتاب المبين، وتسلية النبي الكريم، ـ ﷺ ـ ووعيد الكافرين الذين هم أظلم الظالمين، واتصل بعدها في وصف القرآن المبين، وبشرى المؤمنين ووعيد الكافرين، فسبحان من أنزله على النبي الأمي الأمين، هدى للعالمين، وآية بينة بإعجازه للخلائق أجمعين، باقية إلى يوم الدين. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٥ صـ ٣٩٨ ـ ٤٠٤﴾