روي : أنه لما أيس أبو بكر رضي الله عنه من حياته استكتب عثمان رضي الله عنه كتاب العهد وهو هذا ما عهد ابن أبي قحافة إلى المؤمنين في الحال التي يؤمن فيها الكافر ثم قال بعد ما غشى عليه وأفاق : إني استخلفت عليكم عمر بن الخطاب رضي الله عنه فإنه عدل فذلك ظني فيه وإن لم يعدل سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.
والظلم هو الانحراف عن العدالة والعدول عن الحق الجاري مجرى النقطة من الدائرة.
والظلمة ثلاثة.
الظالم الأعظم وهو الذي لا يدخل تحت شريعة الله وإياه قصد تعالى بقوله :﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ (لقمان : ١٣) والأوسط هو الذي لا يلزم حكم السلطان.
والأصغر هو الذي يتعطل عن المكاسب والأعمال فيأخذ منافع الناس ولا يعطيهم منفعته ومن فضيلة العدالة أن الجور الذي هو ضدها لا يستتب إلا بها فلو أن لصوصاً تشارطوا فيما بينهم شرطاً فلم يراعوا العدالة فيه لم ينتظم أمرهم.
فعلى العاقل أن يصيخ إلى الوعيد والتهديد الأكيد فيرجع عن الظلم والجور وإن كان عادلاً فنعوذ بالله من الجور بعد الكور والله المعين لكل سالك والمنجي في المسالك من المهالك.
تمت سورة الشعراء يوم الخميس وهو التاسع من ذي القعدة من سنة ثمان ومائة وألف. أ هـ ﴿روح البيان حـ ٦ صـ ٤٠٢ ـ ٤٠٨﴾. بتصرف يسير.