واعلم أن الرافضة ذهبوا إلى أن آباء النبي ﷺ كانوا مؤمنين وتمسكوا في ذلك بهذه الآية وبالخبر، أما هذه الآية فقالوا قوله تعالى :﴿وَتَقَلُّبَكَ فِى الساجدين﴾ يحتمل الوجوه التي ذكرتم ويحتمل أن يكون المراد أن الله تعالى نقل روحه من ساجد إلى ساجد كما نقوله نحن، وإذا احتمل كل هذه الوجوه وجب حمل الآية على الكل ضرورة أنه لا منافاة ولا رجحان، وأما الخبر فقوله عليه السلام :" لم أزل أنقل من أصلاب الطاهرين إلى أرحام الطاهرات " وكل من كان كافراً فهو نجس لقوله تعالى :﴿إِنَّمَا المشركون نَجَسٌ﴾ [ التوبة : ٢٨ ] قالوا : فإن تمسكتم على فساد هذا المذهب بقوله تعالى :﴿وَإِذْ قَالَ إبراهيم لأَبِيهِ ءازَرَ﴾ [ الأنعام : ٧٤ ] قلنا الجواب عنه أن لفظ الأب قد يطلق على العم كما قال أبناء يعقوب له :﴿نَعْبُدُ إلهك وإله آبَائِكَ إبراهيم وإسماعيل وإسحاق﴾ [ البقرة : ١٣٣ ] فسموا إسماعيل أباً له مع أنه كان عماً له، وقال عليه السلام :" ردوا على أبي " يعني العباس، ويحتمل أيضاً أن يكون متخذاً لأصنام أب أمه فإن هذا قد يقال له الأب قال تعالى :﴿وَمِن ذُرّيَّتِهِ دَاوُودُ وسليمان﴾ [ الأنعام : ٨٤ ] إلى قوله :﴿وَعِيسَى﴾ [ الأنعام : ٨٥ ] فجعل عيسى من ذرية إبراهيم مع أن إبراهيم كان جده من قبل الأم.
واعلم أنا نتمسك بقوله تعالى :﴿لأَبِيهِ ءازَرَ﴾ وما ذكروه صرف للفظ عن ظاهره، وأما حمل قوله :﴿وَتَقَلُّبَكَ فِى الساجدين﴾ على جميع الوجوه فغير جائز لما بينا أن حمل المشترك على كل معانيه غير جائز، وأما الحديث فهو خبر واحد فلا يعارض القرآن.
﴿ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ (٢٢١) ﴾