قال مقاتل : منهم عبد الله بن الزِّبَعْرى، وأبو سفيان بن حرب، وهبيرة ابن أبي وهب المخزومي في آخرين، قالوا : نحن نقول مثل قول محمد، وقالوا الشعر، فاجتمع إِليهم غُواة من قومهم يستمعون أشعارهم ويَرْوُون عنهم.
وفي الغاوين ثلاثة أقوال.
أحدها : الشياطين، قاله مجاهد، وقتادة.
والثاني : السُّفهاء، قاله الضحاك.
والثالث : المشركون، قاله ابن زيد.
قوله تعالى :﴿ ألم تَرَ أنَّهم في كُلِّ وادٍ يَهيمون ﴾ هذا مَثَل بمن يَهيم في الأودية ؛ والمعنى أنهم يأخذون في كل فنّ من لغو وكذب وغير ذلك ؛ فيمدحون بباطل، ويذُمُّون بباطل، ويقولون : فعلنا، ولم يفعلوا.
قوله تعالى :﴿ إِلاَّ الذين آمنوا ﴾ قال ابن عباس : لمّا نزل ذمُّ الشعراء، جاء كعب بن مالك، وعبد الله بن رواحة، وحسان بن ثابت، فقالوا : يا رسول الله، أنزل اللّهُ هذا وهو يعلم أنّا شعراء، فنزلت هذه الآية.
قال المفسرون : وهذا الاستثناء لشعراء المسلمين الذين مدحوا رسول الله ﷺ وذمّوا من هجاه، ﴿ وذكروا الله كثيراً ﴾ أي : لم يَشْغَلهم الشِّعر عن ذِكْر الله ولم يجعلوا الشِّعر همَّهم.
وقال ابن زيد : وذكروا الله في شِعرهم.
وقيل : المراد بالذِّكْر : الشَِّعر في طاعة الله عز وجل.
قوله تعالى :﴿ وانْتَصَروا ﴾ أي : من المشركين ﴿ مِنْ بَعْدِ ما ظُلِموا ﴾ لأن المشركين بدؤوا بالهجاء.
ثم أوعد شعراء المشركين، فقال :﴿ وسَيَعْلَمُ الذين ظَلَمُوا ﴾ أي : أَشركوا وهَجَوا رسولَ الله ﷺ والمؤمنين ﴿ أيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُون ﴾ قال الزجاج :﴿ أيَّ ﴾ منصوبة بقوله :﴿ ينقلبون ﴾ لا بقوله :﴿ سيعلم ﴾، لأن "أيّاً" وسائر أسماء الاستفهام لا يعمل فيها ما قبلها.
ومعنى الكلام : إِنهم يَنْقلبون إِلى نار يخلَّدون فيها.


الصفحة التالية
Icon