وقال أبو حيان :
ثم أمره تعالى بالتوكل.
وقرأ نافع، وابن عامر، وأبو جعفر، وشيبة : فتوكل بالفاء، وباقي السبعة : بالواو.
وناسب الوصف بالعزيز، وهو الذي لا يغالب، وبالرحيم، وهو الذي يرحمك.
وهاتان الصفتان هما اللتان جاءتا في أواخر قصص هذه السورة.
فالتوكل على من هو بهذين الوصفين كافية شر من بعضه من هؤلاء وغيرهم، فهو يقهر أعداءك بعزته، وينصرك عليهم برحمته.
والتوكل هو تفويض الأمر إلى من يملك الأمر ويقدر عليه.
ثم وصف بأنه الذي أنت منه بمرأى، وذلك من رحمته بك أن أهلك لعبادته، وما تفعله من تهجدك.
وأكثر المفسرين منهم ابن عباس، على أن المعنى حين تقوم إلى الصلاة.
وقرأ الجمهور :﴿ وتقلبك ﴾ مصدر تقلب، وعطف على الكاف في ﴿ يراك ﴾.
وقرأ جناح بن حبيش :﴿ وتقلبك ﴾ مضارع قلب مشدداً، عطفاً على ﴿ يراك ﴾.
وقال مجاهد وقتادة :﴿ في الساجدين ﴾ : في المصلين.
وقال ابن عباس : في أصلاب آدم ونوح وإبراهيم حتى خرجت.
وقال عكرمة : يراك قائماً وساجداً.
وقيل : معنى ﴿ تقوم ﴾ : تخلو بنفسك.
وعن مجاهد أيضاً : المراد تقلب بصره فيمن يصلي خلفه، كما قال :
" أتموا الركوع والسجود فوالله إني لأراكم من خلفي " وفي الوجيز لابن عطية : ظاهر الآية أنه يريد قيام الصلاة، ويحتمل أن يريد سائر التصرفات، وهو تأويل مجاهد وقتادة.
وفي الساجدين : أي صلاتك مع المصلين، قاله ابن عباس وعكرمة وغيرهما.
وقال ابن عباس أيضاً، وقتادة : أراد وتقلبك في المؤمنين، فعبر عنهم بالساجدين.
وقال ابن جبير : أراد الأنبياء، أي تقلبك كما تقلب غيرك من الأنبياء.
وقال الزمخشري : ذكر ما كان يفعله في جوف الليل من قيامه للتهجد، وتقلبه في تصفح أحوال المتهجدين من أصحابه، ليطلع عليهم من حيث لا يشعرون، ويستبطن سرائرهم وكيف يعملون لآخرتهم.


الصفحة التالية
Icon