بالملأ الأعلى من غير مسيع ولا استعانة بأجنبي كان صادقاً في جميع ما يأتي به وكان الصدق من خواص النبوة، ولهذا قال ﷺ لابن الصياد حين سأله كاشفاً عن حاله بقوله عليه الصلاة والسلام :
" كيف يأتيك هذا الأمر؟ فقال : يأتيني صادق وكاذب : خلط عليك الأمر " يريد عليه الصلاة والسلام نفي النبوة عنه بالإشارة إلى أنها مما لا يعتبر فيه الكذب بحال، وإنما قيل : أرفع أحوال هذا الصنف السجع لأن معين السجع أخف من سائر المعينات من المرئيات والمسموعات وتدل خفة المعين على قرب ذلك الإنسلاخ والاتصال والبعد فيه عن العجز في الجملة، ولا انحصار لعلوم الكهان فيما يكون من الشياطين بل كما تكون من الشياطين تكون من أنفسهم بانسلاخها انسلاخاً غير تام واتصالها في الجملة بواسطة بعض الأسباب بعالم لا تحجب عنه الحوادث المستقبلة وغيرها فانقطاع خبر السماء بعد البعثة عن الشياطين بالرجم إن سلم لا يدل على انقطاع الكهانة.
ثم إن هؤلاء الكهان إذا عاصروا زمن النبوة فانهم عارفون بصدق النبي ودلالة معجزته ون لهم بعض الوجدان من أمر النبوة ولا يصدهم عن الإيمان ويدعوهم إلى العناد إلا وساوس المطامع بحصول النبوة لهم كما وقع لامية ابن أبي الصلت فإنه كان يطمع أن يكون نبياً وكذا وقع لابن الصياد.
ومسيلمة.
وغيرهما، وربما تنقطع تلك الأماني فيؤمنون أحسن إيمان كما وقع لطليحة الأسدي.