وابن أبي شيبة عن أبي سعيد رضي الله تعالى عنه قال : بينما نحن نسير مع رسول الله ﷺ إذ عرض شاعر ينشد فقال النبي ﷺ :" لأن يمتلىء جوف أحدكم قيحاً خير من أن يمتلىء شعراً " حمله الشافعي عليه الرحمة على الشعر المشتمل على الفحش، وروى نحوه عن عائشة رضي الله تعالى عنها، فقد أخرج الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس عن عائشة أنه بلغها أن أبا هريرة يروى عن رسول الله ﷺ :"أيمتلىء جوف أحدكم" الحديث فقالت : رحم الله تعالى أبا هريرة إنما قال رسول الله ﷺ :" أن يمتلىء جوف أحدكم قيحاً خير له من أن يمتلىء شعراً " من الشعر الذي هجيبت به يعني نفسه الشريفة عليه الصلاة والسلام ذكر ذلك المرشدي في فتاواه نقلاً عن كتاب بستان الزاهدين، ولا يخفى أنه يبعد الحمل المذكور التعبير بيمتلىء فإن الكثير والقليل مما فيه فحش أو هجو لسيد الخلق ﷺ سواء، وما أحسن قول الماوردي : الشعر في كلام العرب مستحب ومباح ومحظور فالمستحب ما حذر من الدنيا ورغب في الآخرة وحث على مكارم الأخلاق والمباح ما سلم من فحش أو كذب والمحظور نوعان كذب وفحش وهما جرح في قائله وأما منشده فإن حكاه اضطراراً لم يكن جرحاً أو اختياراً جرح، وتبعه على ذلك الروياني وجعل الروياني ما فيه الهجو لمسلم سواء كان بصدق أو كذب من المحظور أيضاً، ووافقه جماعة إلا أن إثم الصادق أخف من إثم الكاذب كما قال القمولي.
وإثم الحاكي على ما قال الرافعي دون إثم المنشد، وقال الأذرعي : ليس هذا على إطلاقه بل إذا استوى الحاكي والمنشد أما إذا أنشده ولم يذعه فأذاعه الحاكي فاثمه أشد بلا شك، واحترز بقيد المسلم عما فيه الهجو لكافر فإن فيه تفصيلاً.


الصفحة التالية
Icon