تحقيرا لمادته عنده، لأنه لا يعد ملكه مع عظمته شيئا، ثقة بما له عند اللّه من الكرامة، وقال "فَما آتانِيَ اللَّهُ" من النبوة والحكم والحكمة والرسالة والملك الذي لا نظير له "خَيْرٌ مِمَّا آتاكُمْ" من الملك والمال والجند لأني لا أفاخر ولا أكاثر في حطام الدنيا، ولا أفرح بما أوتيت منها "بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ" ٣٦ ولذلك رددتها إليكم مع عظمها، لتعلموا أن الدنيا بما فيها ليست عندي ببلاغ، كما أنها لا تساوي عند إلهي جناح بعوضة، وان ربي أعطاني منها ما لم يعطه أحدا قبلي ويوشك أن لا يعطيه أحدا بعدي وكل ذلك لا يزن عندي مثقال ذرة لأن همّي وهمتي منصرفان إلى الاخرة ولا أفرح إلا بما يقربني من ربي وأنت أيها الوافد على رأس الذين حملوا هذه الهدية "ارْجِعْ إِلَيْهِمْ" إلى ملكتك ووزرائها بهديتهم هذه، وأخبرهم بما سمعت ورأيت، وقل لهم ان لم يؤمنوا باللّه ويستسلموا له "فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِها" ولا طاقة لهم عليها "وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْها" من بلدة مأرب وما حولها من البلاد التي يقطنها جيل سبأ "أَذِلَّةً وَهُمْ صاغِرُونَ" ٣٧ مهانون محقرون، قالوا فلما رجع رسلها حائرين بما رأوا وما سمعوا ووصلوا إليها، أخبروها الخبر كله، قالت واللّه لقد عرفت ما هو بملك وأنه لنبي ولا طاقة لنا به، ثم أجمعت أمرها وكتبت إلى سليمان أني قادمة إليك بملوك قومي حتى أنظر ما أمرك، وما الذي تدعوا إليه من الدين.


الصفحة التالية
Icon